للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ} نزلت في يهود (١) عصر الوحي ومن يجانسهم (٢)، وقيل: نزلت في الجائرين من فقهاء الأمة وقضاتها، (الخلف) بسُكون اللام (٣): العقب السوء {وَرِثُوا الْكِتَابَ} أي وجدوه عن آبائهم ومقدميهم {يَأْخُذُونَ} على إظهار ما في الكتاب وكتمانه منافع هذا الزمان {الْأَدْنَى} رشوة {سَيُغْفَرُ} أي يغفر لنا أخذ هذه الرشوة الواحدة وهم مصرّون وفي عزمهم أنه يأتيهم عرض مثله يأخذونه، وهذا القول منهم كفر وافتراء على الله وتأتًّ عليه لأن الله تعالى لم يعد ولم يوجب لمصرًّ على الصغيرة مغفرة فكيف لمصرًّ على الكبيرة {وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} قيل: مستأنف والواو لعطف جملة على جملة (٤) كقوله: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦)} [الضحى: ٦] أي وجدك يتيمًا وضالًا وعائلًا فآوى وهدى وأغنى.

{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ} عطف على (الذين) في الآية المتقدمة ويجوز أن


(١) المراد بهذا الخلف ثلاثة أقوال:
الأول: ما ذكره المؤلف أن المراد بهم اليهود وهو مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٢/ ١٦٥).
الثاني: المراد بهم النصارى.
والثالث: المراد بهم الخلف من أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، والقولان الأخيران عن مجاهد. ورجح الطبري أنه لم يبين الله -عَزَّ وَجَلَّ- من هم لكن سياق الآيات تدل على أنهم اليهود.
[(الطبري (١٠/ ٥٣٥)].
(٢) في "ب": (يجالسهم).
(٣) يقال: خَلَفُ صِدْقٍ، وَخَلْفُ سوءٍ، وأكثر ما جاء في المدح بفتح اللام، وفي الذم بتسكينها، قاله الطبري في تفسيره (١٠/ ٥٣٤).
(٤) اختلف المفسرون والنحويون في الجملة المعطوف عليها فذهب الزمخشري إلى أن جملة "درسوا" معطوفة على قوله: "ألم يؤخذ" لأنه تقرير فكأنه قيل: أُخِذَ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا.
والوجه الثاني: أنه معطوف على "ورثوا" وتكون جملة "ألم يؤخذ" معترضة بين الجملتين، وهذا الوجه ذهب إليه الطبري في تفسيره وتبعه أبو البقاء.
والوجه الثالث: أنه على إضمار "قد" والتقدير: وقد درسوا فيكون منصوبًا على الحال نسقًا على الجملة الشرطية، قاله السمين الحلبي في تفسيره.
[الطبري (١٠/ ٥٤٠)، الكشاف (٢/ ١٢٨)، الإملاء (١/ ٢٨٨)، الدر المصون (٥/ ٥٠٥)].

<<  <  ج: ص:  >  >>