للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قدرته (١) وعاد إلى عادته الخبيثة من الكفر والطغيان وأنكر على السحرة إيمانهم بغير إذنه، يري العالم أنهم (٢) حيث لم ينظروا إذنه (٣) ويريهم أنهم كانوا قد واطؤوا موسى -عليه السلام- في السرّ من قبل وأن دعوتهم واحدة، وهدّد السحرة بقوله: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} ثم أتبعه التصريح بالوعيد، فقال: لأقطعن أيديكم لعلهم يخافونه، وإنما اجترأ على السحرة لما شاهد من عجزهم، أو لأنه علم أنهم لا يسحرونه بعد إيمانهم، أو لأنه كان يعلم من قبل أنهم مموّهون.

{قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥)} في مجادلتهم فرعون دلالة على أن قدرتهم رجعت إليهم فآمنوا اختيارًا بعد ما سجدوا اضطرارًا، وإنما علموا أنهم صائرون إلى الله تعالى لما ألقى الله في قلوبهم من الإلهام.

{وَقَالَ الْمَلَأُ} الأشراف {مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ} لما شاهدوا الآيات ورأوا إيمان السحرة وسمعوا مقالة خربيل النجار خافوا الانتشار من رعاياهم فأنكروا على فرعون تركه موسى وقومه مطلقين سالمين فقالوا: {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ ... وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} أي ويخلعك نصب عطفًا على التفسير وفي مصحف أُبي {وقد تركوك وآلهتك} (٤) أصنامك التي نصبتها ليتقرب الأقاصي بها إليها يدل عليه قوله {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: ٢٤] وقرأ ابن عباس {وإلاهتك} (٥) يعني عبادتك، فقال فرعون: {سَنُقَتِّلُ} سنستمر فيهم على عادتنا قتل البنين وترك البنات، ولم يتجاسر على أكثر (٦) من ذلك لما يتخوف من تحريك الساكن في تغيير العادة {قَاهِرُونَ} متسلطون عليهم.


(١) في الأصل و"أ": (نذرته).
(٢) في الأصل و"أ": (بياض).
(٣) في الأصل و"أ": (إذن).
(٤) ذكره الفراء في معاني القرآن (١/ ٣٩١)، والكرماني في شواذ القراءات ص ١٩٢، وذكر
أنها قراءة ابن مسعود أيضًا.
(٥) أبو عبيد (١٧٢)، وابن جرير (١/ ١٢٢) (١٠/ ٣٦٨، ٣٦٩)، وابن أبي حاتم (٨٨١٩، ٨٨٢٠)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٥٠٢) للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في "المصاحف" وأبو الشيخ.
(٦) في الأصل "أ": (أكفر).

<<  <  ج: ص:  >  >>