للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظرف زمان (١) ماضٍ في محل النصب، وعلّة الظرف إضمارُ في المعنى دون اللفظ كالاسم بنزع الخافض، وهو مبهم يحتاج إلى الصلة، وصلتُهُ {أَضَاءَ}، والعامل فيه {مَشَوْا} مضوا في الضوء {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} أي: صاروا ذا ظلمة (٢)، كقولك: ليلٌ مظلم وبيتٌ مظلم، وقوله تعالى: {قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} (٣)، وقوله: {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} (٤). أي: يَخلُصُون في الظلمة. وإنما قال: "عليهم" لأن وبال الظلمةِ راجعٌ إليهم.

{يَكَادُ} فعلٌ ليس له مصدرٌ ولا اسمٌ، كادَ يَكادُ إذا أوهمَ أن يفعل ولَمَّا يفعل، قال الله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ} (٥) {وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (٦) {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} (٧) {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (٨) إذا أوهم أن يفعل ثم فعل. وقيل: يكادُ يَغْرُبُ إلا أنه يستعمل بغير حرف "أن" بخلاف لفظ المقاربة والمداناة (٩). {يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} يستلبُ ويختلسُ أَبصارَ المنافقين، نظيرُهُ:


(١) قال البركوي في تفسيره (مقدمة المفسرين ١/ ٣٠٣): "كل" منصوبة على الظرفية بالاتفاق، والعامل فيه جوابها "مشوا" و"ما" إما نكرة موصوفة بمعنى الوقت، والعائد محذوف أي: كل وقت أضاء لهم فيه، والجملة بعده في موضع جر على الصفة. ويجوز أن تكون "ما" مصدرية والجملة بعده صلة فلا محل لها، والتقدير: كل وَقْتِ إضاءة. اهـ.
(٢) أظهر التفاسير في تأويل قوله: {قَامُوا} ثبتوا على نفاقهم وضلالهم، وهذا ما ذهب إليه كل من الطبري (١/ ٣٥٩) - والقرطبي (١/ ٢٢٣) - والبغوي (١/ ٣٨) - وأبو حيان (١/ ٩١) - وغيرهم.
(٣) سورة يونس: ٢٧.
(٤) سورة يس: ٣٧.
(٥) سورة مريم: ٩٠.
(٦) سورة الزخرف: ٥٢.
(٧) سورة البقرة: ٧١.
(٨) سورة النور: ٤٠.
(٩) الأكثر في "كاد" أن تكون مجردة من "أَنْ" بخلاف الأندلسيين الذين جعلوا اقتران خبرها بـ "أَنْ" مخصوص بالشعر ومن الكثرة قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ}. ومن القلة -أي اقترانه بـ "أنْ" - قوله عليه الصلاة والسلام: "ما كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ العصرَ حتى كادتِ الشمسُ أن تَغْرُبَ" وقول الشاعر [ينسب لمحمد بن مناذر يرثي عبد المجيد الثقفي]: =

<<  <  ج: ص:  >  >>