للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: من نار {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} يُصيّرون بنانهم في العضو المختص بالسمع (١).

والصّاعقةُ: صوتٌ فيه نارٌ لا تأتي على شيء إلا أحرقته. وقيل: اسمٌ للعذاب على أيّ وجه كان؛ لأن عادًا أهلكتْ بالريح وثمود بالرجفة ومع ذلك قال الله تعالى: {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} (٢). المراد بالصواعق هاهنا: شدةُ الظُّلمة وشدّةُ صوت الرعد، وشدّةُ لمعان البرق، إذْ كلُّ واحدٍ منها هائلٌ (٣).

{حَذَرَ الْمَوْتِ} أي لحذر الموت (٤)، كقولك: زُرتُكَ طمعًا في برّك. وقال حاتم الطائى (٥):

وأغفرُ عوراءَ الكريم ادخارَهُ ... وأَعْرِضُ عن شَتْمِ اللئيم تكرُّما

أي: لادخاره وللتكرم. والموت: ذهابٌ للحياة. {مُحِيطٌ}: عالمٌ بأعمالهم، وهذا عارضٌ دَخَل في أثناء المَثَل {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ} {كُلَّمَا}:


(١) في هذه الآية {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} مجاز مرسل حيث عبر عن الأنامل بالأصابع، وهو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء.
(٢) سورة فصلت: ١٣.
(٣) الصاعقة: قصفة ورعدة هائلة معها شقة نار، تنقدح من السحاب إذا اصطكت أجرامه، وهي نار لطيفة إلا أنها مع حِدَّتها سريعة الخمود، وقيل: هي أجزاء لطيفة صاعدة بالدخان تذوب عند حدوث النار بإذن الله تعالى أنزله الله - عَزَّ وَجَلَّ - على من يشاء لتهلكه وهي من الصعق وهو الإهلاك، وقيل: هي شدة الصوت. وتاؤه إما للمبالغة كما في "راوية" أو مصدرية كما في "عافية" [انظر مقدمة المفسرين للبركوي ١/ ٣٠٠ - الكشاف ١/ ٤٢ - روح المعاني ١/ ١٧٢ - تفسير البيضاوي ١/ ٣٣].
(٤) يريد المؤلف أنه مفعول لأجله وهذا أحد الوجهين في إعراب الآية {حَذَرَ الْمَوْتِ} وعلى هذا التقدير يكون ناصبه {يَجْعَلُونَ} ولا يضر تعدد المفعول من أجله لأن الفعل يُعَلَّل بِعِلَلٍ.
والوجه الثاني: أنه منصوب على المصدر وعامله محذوف تقديرُهُ: يحذرون حذرًا مثل حذر الموت، والمصدر مضاف إلى المفعول المطلق.
[الدر المصون ١/ ١٧٣ - الجدول في إعراب القرآن محمود صافي ١/ ٦٥].
(٥) يراجع ديوان حاتم الطائي (٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>