للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} نزلت فيمن نزلت آيات الأنعام (١) وفيها زيادة إنعام وهي نهي العينين عن أن يجاوزاهم إلى غيرهم من أبناء الدنيا، وفي ذلك دلالة على كونهم شهدوا رسول الله، وقيل: عينيه في الأرض بعد اتصافه ليلة المعراج بقوله: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم: ١٦] الآية، ولم يستحقوا هذه الرتبة إلا بعد ما طاشت لدينهم ودنياهم وتلاشت نفوسهم في محياهم {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} رد على القدرية وهي في شأن أبي جهل وأمثاله {فُرُطًا} ضائعًا (٢) منها، وقال أبو عبيدة (٣): ندمًا، وقيل: سرفًا.

{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} المأمور بالقول (٤) لهم هم الذين آمنوا برسول الله، الإيمان به أن أعرض الفقراء كقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] و (السرادق): الحائط من المدر والوبر (٥) {يُغَاثُوا} على سبيل المجاز لازدواج الكلام. و (المُهْل) ذائب الرصاص والصفر


= وقال الزجاج: معدلًا عن أمره ونهيه. والملتحد: مفتعل من اللحد يقال منه: لَحَدْتُ إلى كذا إذا ملت إليه، ومنه قيل للَّحد: لَحْدٌ لأنه في ناحية من القبر، ومنه الإلحاد في الدين وهو المعاندة بالعدول عنه والترك له.
[تفسير الطبري (١٥/ ٢٣٥)].
(١) الآية لها عدة أوجه في سبب نزولها منها حديث سلمان الفارسي قال: جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عيينة بن بدر والأقرع بن حابس وذووهم، فقالوا: يا نبي الله إنك لو جلست في صدر المسجد، ونفيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان وأبا ذر وفقراء المسلمين وكانت عليهم جباب الصوف ولم يكن عليهم غيرها - جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك فأنزل الله: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ...} [الكهف: ٢٧]، حتى بلغ {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} [الكهف: ٢٩]، يتهددهم بالنار، فقام نبي الله- صلى الله عليه وسلم - يلتمسهم حتى أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله فقال: "الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجالٍ من أمتي، معكم المَحْيَا، ومعكم الممات" أخرجه الطبري في تفسيره (١٥/ ٢٤٠)، والواحدي في أسباب النزول (ص ٢٢٤)، وأبو نجم في الحلية (١/ ٣٤٥)، والبيهقي في الشعب (١٠٤٩٤).
(٢) قاله ابن عمرو - رضي الله عنهما - ومجاهد. أخرجه الطبري في تفسيره (١٥/ ٢٤٢)، وابن أبي حاتم (٧/ ٢٣٥٨).
(٣) نقله ابن الجوزي عنه في تفسيره (٣/ ٨٠).
(٤) في "ب": (به القول).
(٥) قاله أبو عبيد الهروي، وقال ابن عباس: هو حائط من نار، وقيل: "السرادق" =

<<  <  ج: ص:  >  >>