للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كما في أنصباء جمع نصيب (فأطعموهم) تفصيل التوصية المتضمن لها التحذير (مما تأكلون) والأمر فيه للإيجاب لأنه الأصل فيه وقد زاده هنا أصالة تقديم التحذير فلا يقال حديث: "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه" (١) وفيه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين، [١/ ٢٦٢] يدل على أنه لا يجب إطعامه من عين ما يأكله مولاه لأنا نقول ليس في ذلك الحديث الإتيان أنه يجوز أن لا يأكله معه في قصعته لا أنه يأكل من نوع طعام مولاه فإن قام على صرفه عن الوجوب دليل وإلا فهو الأصل ومثله الكلام في قوله (وألبسوهم مما تلبسون وإن جاءوا) الأرقاء (بذنب لا تريدون أن تغفروه) لعظمته ولا تطاوعكم أنفسكم على غفرانه (فبيعوا) أخرجوهم عن ملككم سداً للذريعة إلى التعذيب وفي قوله (عباد الله) ترقيق وتخويف للملاك بإضافتهم إلى من الكل تحت ملكه وعبيده وإشارة إلى إن أنتم وهم عبيد لمالك واحد منصف لهم منكم ولا يجعل لكم عليهم مزية إن أسأتم الملكة وعذبتم ما خولكم الله كما قال (ولا تعذبوهم) فلله در الكلام النبوي فإنه أضافهم إليهم لما أمرهم بالإحسان إليهم في ضمير التحذير ليكونوا أقبل لذلك ويكون أدعى لهم على الامتثال والإحسان ولما نهاهم عن تعذيبهم أضافهم إلى الاسم الكريم فلينتبه الفطن لمواقع الكلمات النبوية، والمراد بالتعذيب ما يخرج عن حد التأديب الذي أذن فيه فإنه جائز وتقدم حديث: "إذا ضرب أحدكم خادمه" وحديث: "إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه" ولذا سماه هنا تعذيبًا لخروجه عن الجائز قال الإِمام الغزالي (٢): جملة حقوق المملوك أن يشركه في طعمته وكسوته ولا يكلفه فوق ما يطيقه ولا ينظر إليه بعين الكبر والازدراء وأن يعفو عن زلته ويتفكر عند غضبه عليه جنايته في حق الله. في


(١) أخرجه البخاري (٢٤١٨).
(٢) إحياء علوم الدين (٢/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>