يرجع الأمر كله بيده الخير، وهو بكل شيء عليم، والقرآن الكريم يوضح لنا هذا المعنى الذي عجزت العقول المجردة عن تصوره حيث يقول تبارك وتعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ ورَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}(الزمر: ٢٩).
ولقد كانت الدعوة إلى الله بهذا الوضوح، وبهذا التحديد ماثلة في تصور كل رسول بعثه الله -عز وجل- لم يلابسها شك، ولم يخالطها شبهة، وكان الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- يدعون الناس جميعًا إلى هذه العقيدة، وإن اختلفت الأساليب فنوح -عليه السلام- يقول لقومه:{إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}(الأحقاف: ٢١)، وهود عليه السلام يقول:{يَا قَوْم اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ}(هود: ٥٠)، وصالح -عليه السلام- يقول:{يَا قَوْم اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ واسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}(هود: ٦١).
وإبراهيم -عليه السلام- قال لقومه:{اعْبُدُوا اللَّهَ واتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(العنكبوت: ١٦)، ويوسف -عليه السلام- قال لصاحبيه في السجن:{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}(يوسف: ٣٩)، وموسى -عليه السلام- ينعى الشرك على قومه فيقول: وقد قالوا له: اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}(الأعراف: ١٤٠)، ثم يكون خاتم أنبياء بني إسرائيل عيسى -عليه السلام- ويعلنها وحدانية صريحة حيث يقول:{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكُمْ}(المائدة: ١١٧).
ويأتي خاتم الأنبياء، والمرسلين محمد -صلى الله عليهم وسلم أجمعين- فيختم هذه الرسالات، ويؤكد على ما دعا إليه إخوانه جميعًا من إفراد الله -سبحانه وتعالى- بالعبادة، ويعلن أنه لن يقبل من أحد سواها مهما كانت منزلته ومكانته، ومهما كانت عشيرته، وقبيلته يقول الله