ذلك أساسًا لحياته النفسية، وجعل عنده مقابل كل صفة من هذه النقائص قدرة عقلية على الضبط والاعتدال بالرجوع إلى الشرع، والخوف من الله وعبادته.
وفي مقابل ذلك كله؛ ولكي ندرك كمال التصور القرآني للنفس والكون والحياة، وترابط هذه التصورات وتقابلها وتكاملها نتأمل وصف القرآن للحياة فنجد أن الإسلام قد جعل هذه الحياة الدنيا دار امتحان وابتلاء، يمر بها الإنسان ليصل إلى الآخرة، وهي حياة دائمة لا موت بعدها، فهنالك حساب فإما نعيم أبدي وإما عقاب وعذاب أبدي أبدًا.
الله -سبحانه وتعالى- أكثر في القرآن الكريم من وصف الحياة الدنيا؛ حتى لا يغتر بها الناس ولا يركنوا إليها وحتى يؤثروا الآخرة على الدنيا ويعملوا لها، قال الله تبارك وتعالى:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}(الكهف: ٤٥)، وقال سبحانه:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}(الحديد: ٢٠)، وقال سبحانه:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}(آل عمران: ١٤).
وقد ذمَّ الله -سبحانه وتعالى- الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة فقال {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}(سبح: ١٧، ١٨)، وقال:{كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ}(القيمة: ٢٠، ٢١)، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ