للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رجلًا من أهل الذمة، فقامت عليه البينة، فأمر بقتله، فجاء أخوه فقال: إنِّي قد عفوت، قال: فلعلهم هدَّدوك وفرقوك وقرعوك، قال: لا، ولكن قتلُه لا يردُّ عليَّ أخي، وعرضوا لي ورضيت، قال: أنت أعلم؛ من كان له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا" وهذا مع كونه قول صحابي ففي إسناده أبو الجنوب الأسدي، وهو ضعيف الحديث كما قال الدارقطني (١).

وقد روى عليّ (٢) عن رسول الله : "أنه لا يُقتلُ مسلمٌ بكافرٍ" كما في حديث الباب. والحجة إنما هي في روايته.

وروي عن الشافعيِّ في هذه القضية: أنه قال: ما دلكم أن عليًا يروي عن النبي شيئًا ويقول بخلافه؟.

واستدلوا أيضًا بما رواه البيهقي (٣) عن عمر في مسلم قتل معاهدًا فقال: إن كانت طيرة في غضب فعلى القاتل أربعة آلاف، وإن كان القاتل لصًا عاديًا فيقتل.

ويجاب عن هذا (أولًا): بأنَّه قول صحابي ولا حجة فيه.

(وثانيًا): بأنه لا دلالة فيه على محل النزاع لأنه رتب القتل على كون القاتل لصًا عاديًا، وذلك خارج عن محل النزاع، وأسقط القصاص عن القاتل في غضب وذلك غير مسقطٍ لو كان القِصاص واجبًا.

(وثالثًا): بأنه قال الشافعي (٤) في القصص المروية عن عمر في القتل بالمعاهد أنه لا يعمل بحرف منها، لأن جميعها منقطعات أو ضعاف أو تجمع الانقطاع والضعف.

وقد تمسك بما روي عن عمر مما ذكرنا مالك (٥) والليث فقالا: يقتل


(١) في سننه (٣/ ١٤٨) كما تقدم.
(٢) تقدم برقم (٣٠٠١) من كتابنا هذا.
(٣) في السنن الكبرى (٨/ ٣٣).
(٤) في "الأم" (٩/ ١٣٨ - ١٣٩ رقم ٤٠٩٣ - كتاب الرد على محمد بن الحسن).
(٥) انظر: "مواهب الجليل لشرح مختصر خليل" (٨/ ٢٩٠).
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٢٥/ ١٧٧ رقم ٣٧٥٥٢): وأما قول مالك: "أن المسلمَ إذا قتلَ الكافِرَ قَتْلَ غيلةٍ، قُتِلَ بهِ"، فقد قالت به طائفة من أهل المدينة، وجعلوه من باب المحاربةِ، وقطعِ السبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>