وجه الدلالة منه: أن قولها: (والعصر) عطف على (والصلاة الوسطى)، فدلّ هذا على أن الوسطى غير العصر؛ لأن العطف يقتضي المغايرة. وأجيب عن هذا بما يلي: ١ - قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (٥/ ١٣٠ - ١٣١): "إنها قراءة شاذة، والقراءة الشاذة لا يحتجّ بها، ولا يكون لها حكم الخبر عن رسول الله ﷺ لأن ناقلها لم ينقلها إلّا على أنها قرآن، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر بالإجماع، وإذا لم يثبت قرآنًا لا يثبت خبرًا، والمسألة مقرّرة في أصول الفقه" اهـ. ٢ - وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" (١/ ٤٦٣ - ٤٦٤): "هذه قراءة شاذة، والشافعي ومالك لا يجعلان القراءة الشاذة قرآنًا ولا خبرًا، ويسقطان الاحتجاج بها، ولو سلمنا أنه يحتج بها، لا نسلم أن العطف هنا يقتضي المغايرة بل يحتمل أن يكون للعصر اسمان، أحدهما: الوسطى، والآخر: العصر". ٣ - وأخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٧٢ - ١٧٣): "عن عمرو بن رافع، قال: كان مكتوبًا في مصحف حفصة بنت عمر ﵄ (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وهي صلاة العصر، وقوموا لله قانتين) ". ٤ - وقال الحافظ العلائي: "ما جاء عن عائشة وحفصة من قراءة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) فإن العطف يقتضي المغايرة، وهذا يرد عليه إثبات القرآن بخبر الآحاد وهو ممتنع، وكونه ينزل منزلة خبر الواحد مختلف فيه، وإن سلمنا لكن لا يصلح معارضًا للمنصوص صريحًا، وأيضًا فليس العطف صريحًا في اقتضاء المغايرة، لوروده في نسق الصفات؛ كقوله تعالى: ﴿الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ [الحديد: ٣] ". كما في "فتح الباري" لابن حجر (٨/ ١٩٨). (١) (١/ ٣٠١) بسند صحيح. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٣٠٩) وقال: "رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجاله موثقون".