للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل فى تفسير قوله تعالى: {وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا} (١) إنه أراد نكاحا، ومن هذا الضّرب قول العجّاج، يمدح عمر بن معمر (٢) التّيمىّ:

إذا الكرام ابتدروا الباع بدر ... تقضّى البازى إذا البازى كسر

أراد: تقضّض، فأبدل من الضاد ياء، وكسر ما قبلها لتصحّ، يقول: إذا الكرام ابتدروا فعل المكارم، بدرهم وأسرع كانقضاض البازى فى طيرانه، وذلك أسرع ما يكون الطيران، ومعنى كسر: ضمّ جناحيه، ومنه قول الشاعر:

فآليت لا أشريه حتّى يملّنى ... بشىء ولا أملاه حتّى يفارقا (٣)

أراد: لا أملّه، فردّه إلى أصله، الذى هو أملله، وأبدل من اللام الأخيرة ياء، فصار فى التقدير: أمليه، فانقلبت الياء ألفا، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ومعنى لا أشريه: لا أبيعه، وقوله: «بشىء» متعلّق بأشريه.

وقال أبو إسحاق الزجّاج فى قول الله سبحانه: {وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها} (٤) معناه: خابت نفس دسّاها الله، أى جعلها قليلة خسيسة، والأصل: دسّسها، ولكنّ الحروف إذا اجتمعت من لفظ واحد، أبدل من آخرها ياء.


(١) سورة البقرة ٢٣٥.
(٢) هذا اختصار فى نسبه، وتمامه: عمر بن عبيد الله بن معمر، كما فى ديوان العجاج ص ٣، والشطران فيه ص ٢٨، وبينهما هذا الشطر: دانى جناحيه من الطور فمر والشاهد من الرجز السيّار. انظر مجاز القرآن ٢/ ٣٠٠، وأدب الكاتب ص ٤٨٧، وأمالى القالى ٢/ ١٧١، والعضديات ص ٣٢،٢٠٧، والخصائص ٢/ ٩٠، والمحتسب ١/ ١٥٧، وسرّ صناعة الإعراب ص ٧٥٩، والتبصرة ص ٨٣٤، وشرح المفصل ١٠/ ٢٥، وشرح الملوكى ص ٢٥٠ - ونسب فيه خطأ لرؤبة-والمقرب ٢/ ١٧٠، وغير ذلك كثير، مما تراه فى معجم الشواهد ص ٤٦٩.
(٣) من غير نسبة فى المخصص ١٥/ ٢٠٩، وشرح شواهد الشافية ص ٤٤١، وصدره فقط فى العضديات ص ٣٣، برواية: فآليت لا أملاه حتّى يملّنى
(٤) الآية العاشرة من سورة والشمس. وكلام الزجاج فى كتابه معانى القرآن ٥/ ٣٣٢.