للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شأن غيرهم من الأدباء المسلمين وغيرهم من الطوائف الأخرى، ينطبق عليهم جميعًا المبدأ العام وهو دراسة آثارهم، ومعرفة آراء الثقات من العلماء والنقاد والباحثين السابقين في ذلك فما كان من نصوصهم موضع ثقة هؤلاء، كان موضع قبول واحترام، ما لم تكن هناك براهين قاطعة على خلاف ذلك.

وفي أثر القصص في انتحال الأدب، يقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي٨٠: "فلما كثر القصاصون وأهل الأخبار اضطروا من أجل ذلك أن يصطنعوا الشعر لما يلفقونه من الأساطير حتى يوائموا بين رقعتي الكلام، وليحدروا تلك الأساطير من أقرب طريق إلى أفئدة العوام، فوضعوا الشعر على آدم فمن دونه من الأنبياء وأولادهم وأقوامهم، وأول من أفرط في ذلك محمد بن إسحاق".

وفي هذا الموضوع يتحدث الدكتور حسين عن أهمية القصص عند العرب، ثم يقول٨١: "وأنت تعلم أن القصص العربي لا قيمة له ولا خطر في نفس سامعيه إذا لم يزينه الشعر.. وإذن فقد كان القصاص أيام بني أمية وبني العباس في حاجة إلى مقادير لا حد لها من الشعر، يزينون بها قصصهم ويدعمون بها مواقفهم المختلفة فيه. وهم قد وجدوا من هذا الشعر ما كانوا يشتهون وفوق ما يشتهون".

ويتحدث عن فطنة العلماء والنقاد لهذه المسألة، فيقول٨٢: "كثر هذا الشعر الذي احتاج إليه القصاص لتزدان به قصصهم من ناحية، وليسيغها القراء والسامعون من ناحية أخرى.. وفطن بعض العلماء إلى ما في هذا الشعر من تكلف حينًا، ومن سخف وإسفاف حينًا آخر، وفطن إلى أن بعض هذا الشعر يستحيل أن يكون قد صدر عن الذين ينسب إليهم. ومن هؤلاء محمد بن سلام الذي أنكر -كما رأيت- ما يضيفه ابن إسحاق إلى عاد وثمود وحمير وتبع، وأنكر كثيرًا مما رواه ابن إسحاق في السيرة من شعر الرجال والنساء سواء منهم من عرف بالشعر، أو لم يقل شعرًا قط، وآخرون غير ابن سلام أنكروا ما روى ابن إسحاق وأصحابه القصاصون، نذكر منهم ابن هشام".

ومن هذا الجانب ينكر الدكتور طه كل شعر يضاف إلى جذيمة الأبرش، وزهير بن


٨٠ تاريخ آداب العرب جـ١ ص٣٧٥.
٨١ في الأدب الجاهلي، ص١٥١.
٨٢ المصدر السابق، ص١٥٤.

<<  <   >  >>