ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة المُثْلى والإمام الأعلى لجميع المسلمين وكل من كان في محبته واتباعه أتم كان في أحواله إليه أقرب صلى الله عليه وسلم.
وقد أفصح عن هذا الاتباع في هذه الحالة إلى علماء الإسلام، آنس الله بهم غربة الدين، وأحيا بهم سنة إمام المتقين، ورسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم، ففي هذا المنشور شكا إلى علماء الإسلام ما جرى من الفتنة بسبب نهيه العوام عن عاداتهم الشركية التي نشؤوا عليها، وعظمت في نفوسهم أن تنقطع عاداتهم تلك، وساعدهم بعض أدعياء العلم وهم من أبعد الناس عنه إذ العالم من يخشى الله – فتوهموا أن النهي عن الشرك تنقص للأنبياء والصالحين وهذا بعينه هو الذي جرى على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر أن عيسى عليه السلام عبد مربوب ليس له من الأمر شيء قالت النصارى: إنه سب المسيح وأمه، وهكذا قالت الرافضة لمن عرف حقوق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبهم ولم يغْلُ فيهم، رموه ببغض أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا هؤلاء، لما ذكر لهم ما ذكره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وما ذكره أهل العلم من جميع الطوائف من الأمر بإخلاص الدين لله والنهي من مشابهة أهل الكتاب من قبلنا في اتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله قَالوا له تنقصتم الأنبياء والصالحين والأولياء١، والله تعالى ناصر لدينه ولو كره
١ ولقد أحسن الشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في كتابه: "التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" حيث قَال: " من أوسع أودية الباطل الغلو في الأفاضل، ومن أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كل من يحاول رده إلى الحق ببعض أولئك الأفاضل ومعاداتهم، يرى بعض أهل العلم أن النصارى أول ما غلو في عيسى عليه السلام كان الغلاة يرمون كل من أنكر عليهم بأنه يبغض عيسى ويحقره ونحو ذلك" ج١/٦.