للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "لا يحل دم امريء مسلم يشهد ن لا إله إلا الله إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو رجل قتل نفساً فيقتل بها" ١.

ومطلق السب لغير الأنبياء لا يستلزم الكفر، لأن بعض من كان على عهد النبي عليه الصلاة والسلام كان ربما سب بعضهم بعضاً، ولم يكفر أحد بذلك ولأن أشخاص الصحابة لا يجب الإيمان بهم بأعيانهم، فسب الواحد لا يقدح في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر"٢.

هذه أدلة من ذهب من أهل العلم إلى أن ساب الصحابة غير كافر ولا مهدور الدم وإنما يفسق ويضلل ويبدع، هذا ما قرره أهل العلم في حكم ساب الصحابة، فقد اختلفوا في حكمه كما تقدم على قولين، فمن قائل بأنه كافر يجب قتله ومن قائل بأنه فاسق مبتدع يعاقب بما دون القتل، وكل له أدلة على ما ذهب إليه، والقول الذي تطمئن إليه النفس ويرتاح إليه قلب المؤمن أن من أبغضهم جميعاً أو أكثرهم أو سبهم سباً يقدح في دينهم وعدالتهم، فإنه يكفر بهذا لأن هذا يؤدي إلى إبطال الشريعة بكاملها، أو أكثرها لأن الصحابة هم الناقلون لها، ومن اعتقد أنهم مجروحون وغير عدول فقد طعن في تلك الواسطة التي تلقت الشريعة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن المستحيل أن تطمئن النفوس إلى شريعة نقلتها مطعون فيهم مجروحون.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: "وكذلك نقطع بتكفير كل قائل قال قولاً يتوصل به إلى تضليل الأمة وتكفير جميع الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم تقدم علياً، وكفرت علياً إذ لم يتقدم ويطلب حقه في التقديم فهؤلاء قد كفروا من وجوه لأنهم أبطلوا الشريعة بأسرها، إذ قد انقطع نقلها ونقل القرآن إذ ناقلوه


١ـ انظر صحيح البخاري ٤/١٨٨، صحيح مسلم ٣/١٣٠٢-١٣٠٣.
٢ـ الصارم المسلول ص/٥٧٨-٥٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>