للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإجماع"أ. هـ١

فهذه النقول فيها توضيح أن طائفة من أهل العلم ومنهم عمر بن عبد العزيز وعاصم الأحول والإمام مالك وأحمد وكثير من الفقهاء ذهبوا إلى أن ساب الصحابة فاسق ومبتدع ليس كافراً، يجب على السلطان تأديبه تأديباً شديداً لا يبلغ به القتل.

واستدلوا لما ذهبوا إليه بأدلة منها: -

١- ما رواه الشيخان في صحيحيهما من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخالد بن الوليد وقد سب عبد الرحمن بن عوف: "لا تسبوا أصحابي.. الحديث"٢.

ووجه الدلالة من هذا الحديث أن سب الصحابة وقع على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وسمع ذلك، فلم يقل أن الساب كافر ولا أهدر دمه وإنما اكتفى صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك.

٢- ما رواه الإمام أحمد بإسناده إلى أبي برزة الأسلمي قال: "أغلظ رجل لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: فقال أبو برزة ألا أضرب عنقه، قال: فانتهره وقال: ما هي لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم"٣.

٣- إن الله تعالى ميز بين مؤذي الله ورسوله ومؤذي المؤمنين فجعل الأول ملعوناً في الدنيا والآخرة، وقال في الثاني: {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} ٤، ومطلق البهتان والإثم ليس بموجب للقتل وإنما هو موجب للعقوبة في الجملة، فتكون عليه عقوبة مطلقة، ولا يلزم من العقوبة جواز القتل،


١ـ ذكره ابن عابدين في كتاب تنبيه الولاة والحكام ضمن مجموعة رسائله ١/٣٦٧.
٢ـ صحيح البخاري ٢/٢٩٢، صحيح مسلم ٤/١٩٦٧.
٣ـ المسند ١/٩، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله ص/٤٣١، سنن النسائي ٧/١٠٩.
٤ـ سورة النساء آية/١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>