للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحافظ الناقد النحوي المتفنن الجبل الراسخ عليه الرحمة والرضوان، قال المؤرخون -ومنهم صاحب "الشذرات"١-: ولد في رجب سنة أربع أو خمس أو ست وسبعمائة، وتوفي سنة أربع وأربعين في جمادى الآخرة، وعمره أربعون سنة أو أقل، وسمع من خلق كثير، منهم الحجار، وعني بالحديث وفنونه، وبرع في ذلك وأفتى، ودرس ولازم شيخ الإسلام ابن تيمية مدة، وأخذ عن الذهبي وغيره، وقد ذكره في "طبقات الحفاظ "٢ قال: "وصنف التصانيف الكثيرة، بعضها كمل وبعضها لم يكمل لهجوم المنية عليه، وله توسع في العلوم والفقه والأصلين، وذهن سيال، وعدة محفوظات، وعدّ له ابن رجب في طبقاته ما يزيد على سبعين مصنفاً، ودفن بسفح جبل قاسيون". انتهى ملخصاً.

ومن أعدل الشواهد على فضله، وكمال إطلاعه ومزيد انصافه؛ كتاب "الصارم المنكي في الرد على السبكي" فقد أجاد فيه وأفاد، وميز الحق من الإلحاد، ولو لم تكن له حسنة سوى هذا الكتاب لكفاه ثواباً يوم الحساب، وبه ظهر زيف السبكي وما بهرج به من الباطل، وتبين أنه كان من أجهل الناس بعلم الحديث، ممارياً معجباً برأيه متبعاً لهواه، ذاهباً في كثير مما يعتقده إلى الأقوال الشاذة والآراء الساقطة.

ومن طالع كتاب الصارم- وكان من أهل الفضل والإنصاف- علم أن ما قلناه هو غيض من فيض، وقطرة من بحر، فالله تعالى المسؤول أن يجزيه عن كتابه "الصارم المنكي" خير الجزاء، وينفع به المسلمين في كافة الأقطار والأنحار.

ولا بدع من النبهاني الضليل، إذ صدر منه ما صدر في حق هذا الفاضل الجليل، وما أحسن ما قيل:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل

وفي هذا المعنى قول الآخر:


١ "شذرات الذهب" لابن العماد (٨/ ٢٤٥- ط. دار ابن كثير) .
٢ "تذكرة الحفاظ" (٤/ ١٥٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>