حين ينهض من جلوسه:"اللهم بك انتشرت١، وإليك توجهت، وبك اعتصمت، اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي، اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهتم به وما أنت أعلم به مني، وزودني التقوى، واغفر لي ذنبي، ووجهني للخير حيث ما توجهت". رواه أبو يعلي، وفيه عمرو بن مساور وهو ضعيف، كذا في مجمع الزوائد، قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف، كذا في الميزان.
هذا كله هو الرجاء المختص بالله تعالى، ومنه ما هو جائز في حق رسولنا صلى الله عليه وسلم في حياته بمعنى أن المرجو منه فيه يصلح للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما يقدر عليه الأنبياء عليهم السلام سيما نبينا صلى الله عليه وسلم من صلة الرحم، وحمل الكل، وكسب المعدوم، وقرى الضيف، والإعانة على نوائب الحق، والرحمة بالمؤمنين، والجود والشجاعة والبركة، وقضاء حوائج الأرملة والمساكين واليتامى، وعدم انتقامه لنفسه في شيء قط، وعدم اللوم على شيء قط أتى فيه على يدي أحد، وعيادة المريض، واتباع الجنازة، وإجابة دعوة المملوك، والخلق العظيم، وتعليم الأمة الكتاب والحكمة وتزكيتهم، ودعوتهم إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وتبليغ رسالات الرب تعالى، ونصح الأمة، والاستغفار لهم عند صدور الذنوب عنهم، والدعاء لهم في حاجاتهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وإعلاء كلمة الله، والجهاد مع أعداء الله، وتعظيم شعائر الله، وإعزاز المؤمنين، وإذلال الكافرين، وغير ذلك.
وأما كونه صلى الله عليه وسلم رجاء بمعنى المرجو بعد الموت فما ثبت منه بالكتاب والسنة المطهرة فهو على الرأس والعين كالشفاعة يوم القيامة، وأما ما لم يثبت بواحد منهما فهو مردود.
إذا تقرر هذا فاعلم أن معنى ما في المرثية: إنا كنا نرجو برك ورحمتك وشفقتك، يدل عليه قولها:"وكنت بنا براً ولم تكن جافياً، وقولها: "وكان بنا براً رحيما نبينا".
١ في الأصل المطبوع في الهند: "أنتشر" وهو غلط، والانتشار الانبساط والتمدد والتفرق، وهو معنى قوله تعالى: {فَانْتَشِرُوا} في سورتي الأحزاب والجمعة، وفسر ابن الأثير "انتشرت" هنا: بابتدأت سفري الخ. وكتبه محمد رشيد رضا.