القول الآخر: إن الإخوة-أشقاء، أو لأب- يرثون مع الجد على تفصيل سيذكره المؤلف قريباً. وهذا قول جماعة من الصحابة، منهم: عمر وعلي وعثمان وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعمران بن حصين. وهو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد في المشهور عنه، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنيفة، واحتجوا بما يلي: - أن الجد والإخوة يدلون إلى الميت بالأب، فالجد أبوه، والإخوة أبناؤه، والأبناء أقوى في العصوبة من الجد، فلا أقل من إرثهم معه. - أن الجد والإخوة يدخلون في عموم آيات المواريث؛ فلم يجز أن يختصّ الجد بالمال دون الإخوة. والذي يظهر رجحانه هو القول الأول؛ لقوة تعليلهم، ولأنه ثابت عن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- قال البخاري- رحمه الله-: ولم يُذكر أن أحداً خالف أبا بكر في زمانه، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم متوافرون أ-هـ. صحيح البخاري، باب ميراث الجد مع الأب والإخوة ٧/٣١٦. وهو أيضاً قول سالم من الاضطرابات الواردة على القول الآخر، قال ابن الهائم- رحمه الله- في شرح أرجوزة الكفاية خ٩١: إن من أقام الجد مقام الأب لم يتغير قوله، ولم ينتقض في موضع من المواضع، بل وتيرة صار على وتيرة واحدة، متسقة، منتظمة، والقياس يؤمها، والنظر يعضدها، والكتاب يشهد لها. والذين أقاموه مقام الأخ اضطربت أقاويلهم، واختلفت؛ حتى روي عن عبيدة السلماني أنه قال: أحفظ عن عمر في الجد مائة قضية يخالف بعضها بعضاً. حكاه ابن اللبان وغيره أ-هـ. وانظر النجم الوهاج خ ٣/١٢٩. (راجع: المبسوط ٢٩/١٨٠، ورد المحتار ٦/٧٧٠، والاستذكار ١٥/٤٣٣، والتمهيد ١١/١٠١، والمعلم بفوائد مسلم ٢/٢٢٦، والمحلى ٨/٣٠٨، والأم ٤/٨٥، والحاوي الكبير ١٠/٢٩٩، والعزيز شرح الوجيز ٦/٤٨٢، وروضة الطالبين ٦/٢٣، والاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية١٩٧، وإعلام الموقعين ١/٤٦٠، والإفصاح عن معاني الصحاح ٢/٨٧، والمغني ٩/٦٥، ومصنف ابن أبي شيبة ٦/٢٥٩، والتلخيص الحبير ٣/٨٧، ومعجم فقه السلف ٤/٢٥٤) .