للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحبس إليه (١):

أبا الفرج (٢) اسلم وابق وانعم ولا تزل ... يزيدك صرف الدّهر حظّا إذا نقص

مضت مدّة تستام ودّي غاليا (٣) ... فأرخصته والبيع غال ومرتخص

وآنستني في محبسي بزيارة ... شفت قرما من صاحب لك قد خلص (٤)

ولكنها كانت كحسوة طائر ... فواقا كما يستفرص السّارق الفرص

وأحسبك استوحشت من ضيق محبسي ... وعادك عيد من تذكّرك القفص (٥)

كذا الكرّز اللمّاح ينجو بنفسه (٦) ... إذا عاين الأشراك تنصب للقنص

فحوشيت يا قسّ الطّيور بلاغة ... إذا ذكر المنظوم أو درس القصص

من المنسر الأشغى ومن حزّة المدى ... ومن بندق الرّامي ومن قصّة المقص (٧)

ومن صعدة فيها من الدّبق لهذم ... لفرسانكم يوم الطّعان بها قعص

فهذي دواهي الطّير وقّيت شرّها ... إذا الدّهر من أحداثه جرّع الغصص

فأجابه أبو الفرج الببغاء جواب رسالته (٨):

أيا ماجدا مذ يمّم الجود ما نكص (٩) ... وبدر تمام مذ تكمّل ما نقص

ستخلص من هذا السّرار وأيّما ... هلال توارى في السّرار وما خلص


(١) في مصادر الخبر: فزاره في محبسه ثم انصرف عنه ولم يعاوده.
(٢) في الأصل: أبو الفرج.
(٣) في مصدر الخبر: مضى زمن تستام وصلي.
(٤) في يتيمة الدهر: شفت كمدا. وفي وفيات الأعيان: شفت كبدا. والقرم: شدّة شهوة اللحم، وكثر حتى قيل في الشوق إلى الحبيب. القاموس (قرم).
(٥) في الأصل: أظنك استوحشت. والعيد: بالكسر: ما اعتادك من همّ أو مرض أو حزن ونحوه. القاموس (عيد) وفي مصدري الخبر: وأوجست خوفا من تذكرك القفص.
(٦) في الأصل: اللماج. وما أثبتناه من مصدري الخبر. والكرز: البازي، اللسان (كرز).
(٧) المنسر: المنقار. الشغا: اختلاف الأسنان، والشغواء: العقاب. قيل لها ذلك لفضل في منقارها الأعلى على الأسفل. اللسان (شغا) وفي وفيات الأعيان: حدّة المدى.
(٨) في مصدري الخبر: فأجابه أبو الفرج في الحال مع رسوله.
(٩) في الأصل: من يمم. والتصحيح من مصدري الخبر. وفيهما: مذ تكامل.

<<  <   >  >>