للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد١ تقرر بين الفقهاء: أن انتفاء الشرط علامة على عدم المشروط، فإنه ينتفي بانتفائه.

وإذا جاز ذلك في النفي: ففي الإثبات مثله، فإنه لو قال الشارع "ما لا مضرة فيه من الحيوان فمباح لكم أكله" و"ما لم يذكر اسم الله عليه فحرام عليكم أكله" لم يمتنع ذلك.

وقد قال الله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ٢ وهذا تعليق لتحريم الأكل على عدم اسم الله.

ولأن٣ النفي صلح أن يكون علة للنفي، فيلزم منه أن يصلح التعليل به للإثبات؛ لأن كل حكم له ضد، فالحل ضده: الحرمة، والوجوب ضده: براءة الذمة، والصحة ضدها: الفساد، وكل ما نفي شيئًا أثبت ضده.

فما كان علة لانتفاء الحرمة: فهو علة الإباحة.

وما ذكروه٤ من: "أن النفي لا يناسب إثبات الحكم في حق الآدمي؛ لأنه يلزم منه: ضرر في حق الآدمي الآخر".

قلنا: عنه جوابان:

أحدهما: أن جهات إثبات العلة لا تنحصر في المناسبة، بل طرقها كثيرة على ما علم، فلا يلزم من انتفاء طريق واحد انتفاؤها.


١ هذا هو الدليل الثاني.
٢ سورة الأنعام من الآية "١٢١".
٣ هذا هو الدليل الثالث لأصحاب المذهب الأول.
٤ من هنا سيبدأ المصنف في مناقشة أدلة أصحاب المذهب الثاني، وهم الذين منعوا التعليل بالنفي والعدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>