للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرّق قوم بين العلة المنصوص عليها، وبين المستنبطة، وجعل نقض المستنبطة مبطلًا لها١.

وإن كانت ثابتة بنص أو إجماع فلا يقدح ذلك فيها؛ لأن كونها علة عرف بدليل متأكد قوي، وتخلف الحكم يحتمل أن يكون لفوات شرط، أو وجود مانع، فلا يترك الدليل القوي لمطلق الاحتمال.

ولأن ظن ثبوت العلة من النص، وظن انتفاء العلة من انتفاء الحكم مستفاد بالنظر، والظنون الحاصلة بالنصوص أقوى من الظنون الحاصلة بالاستنباط٢.

وإن كان ثبوت العلة بالاستنباط بطلت بالنقض؛ لأن ثبوت الحكم على وفق المعنى، إن دل على اعتبار الشارع له في موضع، فتخلف الحكم عنه يدل على أن الشرع ألغاه.

وقول القائل: "إنني أعتبره إلا في موضع أعرض الشرع عنه" ليس بأولى ممن قال: "أعرض عنه إلا في موضع اعتبره الشرع بالتنصيص على الحكم".

ثم إن جُوِّز وجود العلة مع انتفاء الحكم من غير مانع، ولا تخلف شرط، فليجز ذلك في محل النزاع.


١ المراد بالنقض هنا: عدم الاطراد، وهو: أن يوجد الوصف الذي يدعى أنه علة في محل ما، مع عدم الحكم.
٢ خلاصة ذلك: أن العلة إذا كانت منصوصة أو مجمعًا عليها تعين الانقياد لنص الشارع ولإجماع المعصومين، ولم يؤثر في ذلك تخلف الحكم عنها في صورة ما؛ لأن النص والإجماع يفيدان من ظن الصحة أكثر مما يفيد التخصيص من ظن البطلان، شرح مختصر الروضة "٣/ ٣٢٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>