للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الآخر: تبقى حجة فيما عدا المحل المخصوص، كالعموم إذا خص. اختاره أبو الخطاب١.

وبه قال مالك، والحنفية، وبعض الشافعية، لوجهين:

أحدهما: أن علل الشرع أمارات٢، والأمارة لا توجب وجود حكمها معها أبدًا، بل يكفي كونه معها في الأغلب الأكثر.

كالغيم الرطب في الشتاء، أمارة على المطر، وكون مركوب القاضي على باب الأمير، أمارة على أنه عنده، وقد يجوز أن لا يكون عنده، فلو لم يكن عنده في مرة، لم يمنع ذلك من رأي تلك الإمارة أن يظن وجود ما هو أمارة عليه.


= العلة فيه، وقصر عمل العلة على الباقي يكون بمنزلة التخصيص. انظر: كشف الأسرار للبخاري "٤/ ٣٢"، العدة "٤/ ١٣٨٦".
وقد حرر أبو الخطاب محل النزاع في المسألة، وفرق بين العلة المستنبطة والمنصوصة فقال: "اختلف أصحابنا -رضي الله عنهم- في العلة المستنبطة المخصوصة: هل هي حجة فيما عدا المخصوص أم لا؟
فقال بعضهم: هي حجة فيه، وبه قال مالك وأصحاب أبي حنيفة.
وقال بعضهم: تكون باطلة منتقضة فلا يحتج بها. وبه قال أصحاب الشافعي. وكلام أحمد -رضي الله عنه- يحتمل القولين معًا.
فأما العلة المنصوصة: فمن قال بتخصيص العلة المستنبطة يقول بتخصيصها، ومن منع من تخصيص العلة المستنبطة، اختلفوا في ذلك: فقال بعضهم: يجوز تخصيصها.
وقال بعضهم: لا يجوز. ومتى وجدناها مخصصة علمنا أنها بعض العلة".
التمهيد "٤/ ٦٩-٧١".
١ انظر: التمهيد "٤/ ٦٩ وما بعدها" وراجع تحريره لمحل النزاع الذي نقلناه آنفًا.
٢ أي: علامات وليست مؤثرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>