للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: الإتمام واجب بحكم الأصل فلما استثنى حالة الخوف: بقيت حالة الأمن على مقتضاه، فلذلك عجبا؛ حيث خولف الأصل.

ثم الآية حجة لنا١، فإنه لم يثبت انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط، فدل على انتفاء الدليل٢.

قلنا: ليس في القرآن آية تدل على وجوب التمام، بل قد روي عن عمر -رضي الله عنه- وهو صاحب القصة، وعائشة، وابن عباس: "أن الصلاة إنما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر"٣.

فدل على أن فهمهم: وجوب الإتمام وتعجبهم إنما كان لمخالفة دليل الخطاب، وإنما ترك دليل الخطاب لدليل آخر كما قد يخالف العموم.

ولما قال النبي، صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الأَسْوَدُ" قال عبد الله بن الصامت٤ لأبي ذر٥: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر؟


١ أي: القائلون بأن مفهوم المخالفة ليس حجة.
٢ أي الدليل الذي استدل به الجمهور وهو قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ... } إلى آخر القصة.
٣ روى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر".
وفي رواية أخرى للبخاري: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر-صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- ففرضت أربعًا، وأقرت صلاة السفر على الأول".
زاد الإمام أحمد: ".....إلا المغرب، فإنها وتر النهار، وإلا الصبح، فإنها تطول فيها القراءة" سبل السلام "٢/ ٣٧".
٤ هو: عبد الله بن الصامت الغفاري البصري، روى عن عمه أبي ذر الغفاري وعمر وعثمان، وروى عنه أبو العالية وغيره، وثقه النسائي وغيره، تابعي ثقة. انظر: خلاصة تذهيب تهذيب الكمال "٢/ ٦٧".
٥ هو: جندب بن جنادة بن سفيان، أبو ذر الغفاري، من السابقين إلى الإسلام، =

<<  <  ج: ص:  >  >>