قال أبو الخطاب: ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث. وقال الثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي: لا ينقض الوضوء بحال؛ لأنه روي عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الوضوء مما يخرج، لا مما يدخل" أخرجه الدراقطني والبيهقي وغيرهما. وروي عن جابر قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ترك الوضوء مما مست النار" أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي. "المغني ١/ ٢٥٠-٢٥١ تحقيق الدكتور عبد الله التركي والدكتور عبد الفتاح الحلو". ٦ قوله: "وإن سلمنا: فالنهي آكد" هذا رد على قياس الأمر على النهي في قول الفقهاء والمتكلمين: "ولأن النهي بعد الأمر يقتضي ما كان مقتضيًا له، فكذلك الأمر" فأجاب المصنف على ذلك بجوابين. أحدهما: عدم التسيلم بأن النهي بعد الأمر يفيد ما كان يفيده قبل النهي. الجواب الثاني: لو سلمنا -جدلًا- بأنه يفيد ما كان يفيده قبل النهي، فلا يصح قياس الأمر عليه لأمرين: الأول: أن حمل النهي على التحريم يقتضي الترك وهو الأصل، لأن الأصل عدم الفعل، وحمل الأمر على الوجوب يقتضي الفعل، وهو خلاف الأصل. الأمر الثاني: أن النهي لدفع المفسدة المتعلقة بالمنهي عنه، والأمر لجلب المصلحة، ولا شك أن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح. وهذا كله يندرج تحت قول المصنف: "فالنهي آكد".