للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسول يقصد بهذا الأمر والطلب نفع المأمور والإحسان إليه "وهو أيضًا ينتفع بتعليمهم الخير وأمرهم به، وينتفع أيضًا بالخير الذي يفعلونه من الأعمال الصالحة ومن دعائهم له" (١).

ومثل النبي المؤمن المحسن المتبع لسنته إذا أمر أحدًا بأمر كان مقصوده بذلك انتفاع المأمور وحصول مصلحته وله أجر الناصح، وإذا قال لغيره: ادع لي، فإنه يقصد شيئين:

الأول: انتفاع الداعي إذ يحصل له مثل دعائه كما في حديث: "ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب بدعوة إلا وكل الله به ملكًا كلما دعا لأخيه بدعوة قال الملك آمين ولك بمثل" (٢).

والثاني: أن ينتفع هو أيضًا باستجابة الله دعاء ذلك الداعي.

فتحصل مما سبق أن هذه المرتبة السادسة لها صورتان:

إحداهما: أن يقصد بهذا الطلب شيئين:

أولهما: انتفاع الداعي بهذا الدعاء لأنه يحصل له مثل دعائه، فهو عندما يأمره بالدعاء له يقصد أن يحصل للداعي هذا الأجر.

وثانيهما: انتفاعه باستجابة الله دعاء ذلك الداعي له، وهذا مثل ما يقصد الآمر بالمعروف فإنه ينتفع المأمور بعمله ويكون للآمر مثل أجره.

الصورة الثانية: أن يقصد بطلب الدعاء انتفاعه باستجابة الله دعاء ذلك الداعي فقط بدون أن يقصد انتفاع الداعي بذلك.

فالحكم في الصورة الأولى أنه جائز بل هو مستحب لأن فيه


(١) قاعدة في التوسل: ٤٣.
(٢) أخرجه مسلم: ٤/ ٢٠٩٤ رقم ٢٧٣٢، ورقم ٢٧٣٣، وأبو داود: ٢/ ١٨٦ رقم ١٥٣٤، وانظر الكلام على طرق الحديث في الصحيحة: ٣/ ٣٢٦ - ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>