للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الكلام يحتمل أنه يرى أنه يفضي ويجر إلى الشرك وأنه في ذاته ليس بشرك بل ذريعة إلى الشرك فقط.

ولكن لشيخ الإسلام كلام آخر يوافق كلام الذين عدوا هذه المرتبة شركًا فإنه قال: "ومن رحمة الله تعالى أن الدعاء المتضمن شركًا كدعاء غيره أن يفعل، أو دعائه أن يدعو الله أو نحو ذلك. . ." (١).

فيفهم من هذه العبارة أن دعاء غير الله أن يدعو الله تعالى متضمن للشرك.

فهو إِذَنْ شِرْكٌ، كما يدل مقارنته بين دعاء غير الله أن يفعل وبين دعائه أن يدعو الله على أنه يرى أنه لا فرق بين المرتبتين في الحكم، كما أن شيخ الإسلام جعل الخطاب بنحو سل الله لنا أن ينصرنا على عدونا، سل الله أن يغفر لنا وغير ذلك من أعظم أنواع الشرك (٢).

وهناك أمر آخر وهو أن ما تقدم لنا من التفريق بين ما إذا كان قريبًا من القبر وبين ما إذا كان بعيدًا عنه، لاختلاف العلماء في سماع الميت القريب، فيكون القائل به مجتهدًا متأولًا بخلاف البعيد، فلم يختلف في عدم سماعه فيكون القائل به غير متأول.

ثم إنه ربما يفهم من كلام شيخ الإسلام أيضًا أنه لا يرى الفرق بين القرب من الميت والبعد عنه فإنه ذكر صورًا مما يقع من المستغيثين بالأموات فذكر من يأتي القبر فيقول: أنا في حسبك، ومن يقول للميت: اقض ديني واغفر ذنبي، ومن يقول: سل لي ربك، ومن يقول: يا سيدي الشيخ فلان أو سيدي يا رسول الله نشكو إليك ما أصابنا من العدو، وذكر أن منهم من يظن أن الرسول أو الشيخ يعلم ذنوبه وحوائجه … إلخ. ثم قال بعد هذا كله فإن هذا الفعل منه ما هو كفر صريح ومنه ما هو


(١) اقتضاء الصراط: ٣٥٦.
(٢) انظر قاعدة في التوسل ص: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>