للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - ثم وقع الشرك بعد قوم نوح في الأمم الأخرى بسبب الغلو في الصالحين أيضًا، فقد أخبرنا الله تعالى أن اليهود غلوًا في عزير وقالوا ابن الله وغلت النصارى في عيسى فقالوا: ابن الله تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.

قال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [براءة: ٣٠].

وقوله تعالى: ﴿يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ﴾ يشير إلى أن مثل هذا الغلو موجود في الأمم التي قبلهم لأن عبادة الأبطال والغلو فيهم موجودة في السابقين قبلهم (١).

ولم يقتصر غلو اليهود والنصارى على أنبيائهم فقد غلوا أيضًا في أحبارهم ورهبانهم قال تعالى ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [براءة: ٣١].

غلوا في الأحبار والرهبان فعبدوهم من دون الله إذ أطاعوهم في التحليل والتحريم كما في حديث عدي بن حاتم ، قال :

"أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه" (٢).


(١) انظر تفسير المنار: ١٠/ ٢٩٨، والمسيحية لأحمد شلبي ص: ١٣٥.
(٢) الترمذي: ٥/ ٢٧٨ رقم ٣٠٩٥، وابن جرير: ١٠/ ١١٤، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث، وقال في التقريب رقم ٥٣٦٤ - ضعيف.
والحديث له شاهد موقوف عن حذيفة من طريق حبيب بن أبي ثابت عن أبي البختري عنه أخرجه ابن جرير: ١٠/ ١١٤، وأبو البختري هو سعيد بن فيروز ثقة كثير الإرسال كما في التقريب وحديثه عن حذيفة مرسل كما في التهذيب: ٤/ ٧٢، =

<<  <  ج: ص:  >  >>