للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن خزيمة أن يقول به عالم بل مسلم يعرف الدين وعده من المحال ولكن هذا قد وقع في الأزمنة المتأخرة بعد ابن خزيمة وعده بعضهم سائغًا بل من القربات.

٧ - وقد ذكر الإمام ابن بطة العكبري عبيد الله بن محمد (ت ٣٨٧ هـ) أحاديث الاستعاذة ثم قال: "فتفهموا رحمكم الله هذه الأحاديث، فهل يجوز أن يعوذ النبي بمخلوق ويتعوذ هو ويأمر أمته أن يتعوذوا بمخلوق مثلهم؟ وهل يجوز أن يعوذ إنسان نفسه أو غيره بمخلوق مثله فيقول: أعيذ نفسي بالسماء أو بالجبال أو بالأنبياء أو بالعرش أو بالكرسي أو بالأرض؟ وإذا جاز أن يتعوذ بمخلوق مثله فليعوذ نفسه وغيره بنفسه فيقول: أعيذك بنفسي" (١).

٨ - وقال الإمام البيهقي أبو بكر بن أحمد (ت ٤٥٨ هـ): "فاستعاذ رسول الله وأمر أن يستعاذ في هذه الأخبار بكلماته كما أمره الله تعالى جل ثناؤه أن يستعيذ "به إلى أن قال: "ولا يصح أن يستعيذ بمخلوق عن مخلوق" (٢) ".

وهذه الأقوال السابقة من هؤلاء الأئمة الكبار تعد من نفائس كلام السلف في هذه المسألة التي هي دعاء غير الله تعالى والاستعاذة والاستغاثة بغيره، وهي من أمهات المسائل التي طال حولها الجدل من زمن ابن تيمية إلى وقتنا الحاضر وقد غفل عن هذه النصوص كثير ممن تكلم في هذه المسألة مع كونها صريحة في محل الخلاف وقد نص عليها كبار أئمة السلف من القرن الثالث إلى ما بعد وبها يتبين بطلان ما زعمه بعضهم من تفرد ابن تيمية وأتباعه بالكلام على هذه المسألة، والله أعلم.

٩ - ومنها أحاديث وردت في سد الذرائع التي توصل إلى دعاء غير الله تعالى، وهذه الأحاديث كثيرة جدًّا وسيأتي (٣) بعضها إن شاء الله تعالى.


(١) الإبانة: ق ٢/ ٤٨٠ - ٤٨١، والنسخة المختصرة: ١٣٥/أ.
(٢) الأسماء والصفات للبيهقي ص: ٢٤١.
(٣) سيأتي ص: ٤٥٥ - ٤٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>