وهذا الوجه قد يعترض عليه بأن الوعد وإن كان عاماً لكنه وردت نصوص أخرى تخصه، فلا بد من الأخذ بها، وأما تنوع الإجابة فصحيح ولكن هذا التنوع للدعاء الذي استوفى الشروط وأما إذا لم يستوف الشروط فقد لا يجاب عليه أصلاً.
وقال الباجي المالكي شارح الموطأ عند ذكر حديث: ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث .. قال:"هذا إنما يكون للداعي من المسلمين إذا دعا فيما يجوز له أن يدعو فيه فذلك الذي لا يخلو من أن يستجاب له فيما دعا فيه أو يدخر له أجر بدعائه وإخلاصه وذكره الله، وإقراره له بالربوبية، وإما أن يكفر له بعض ما سلف من ذنوبه"(١).
ثم إن هذا ليس خاصاً بالدعاء بل الأعمال الصالحات جميعها يشترط في قبولها أمور من وجود المقتضي وعدم المانع فإذا لم يوجد المقتضي كأن لم تستوف الشروط أو وجد المانع فإنها لا تقبل.
والدعاء من جملة الأعمال الصالحات، فإذا لم يستوف الشروط أو وجد المانع فإنه لا يقبل لعموم الأدلة قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)﴾ [المائدة: ٢٧].
ثم إن هناك أدلة تدل على عدم قبول بعض الأدعية نحو دعاء المتلبس بالحرام، والدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم، أو الذي يستعجل صاحبه أو دعاء الغافل اللاهي غير المتضرع، وأما الادعاء بأن هذا خبر، والنسخ لا يدخل في الأخبار، فيقال: إن هذا ليس من باب النسخ بل هذا من باب أن الوعد نفسه الذي هو الخبر لا يقتضي أنه يحصل بدون مقتض ولا مانع.
ثم إن الحديث الذين استدلوا به في بعض طرقه وهو حديث أبي سعيد في آخره ما يدل على الشرط وهو: "ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم