للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وامتناناً وإحساناً، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ [البقرة: ١٨٦]، وقال عز من قائل: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠].

وهذا الوعد من الله تعالى لا يتخلف قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٩)[آل عمران: ٩].

والاعتقاد بعدم خلف الله لوعده هو عقيدة المؤمن بربه وهو الذي تقتضيه النصوص الشرعية كما تقتضيه الفطر السليمة والعقول النيرة والعادات الجارية من الكرماء. فلله المثل الأعلى إذ الكريم إذا وعد لا بد أن يفي فكيف بأكرم الكرماء الذي رحمته وسعت كل شيء؟؟

فإذا ثبت هذا يأتي هنا سؤال جد مهم وهو أننا نرى بعض الناس يدعون فلا يستجاب لهم مع أن وعد الله محقق لا يتخلف (١).

وقبل الخوض في جوابه لا بد من معرفة أن حكمة الله تعالى اقتضت أن لا يجاب على كل أدعية الإنسان وأمنياته، لأنَّه قد يدعو بما فيه ضرر عليه أو بما لا مصلحة له فيه، وقد يدعو بما فيه ضرر على غيره، فالإنسان محدود المعرفة وقاصر العلم بمصالحه، فلو أن الله تعالى أجاب له كل ما يريده لأدى ذلك إلى مفاسد له ولغيره، قال تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ [يونس: ١١].

وقال تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)[الإسراء: ١١].

وقال تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ [المؤمنون: ٧١].


(١) انظر عن هذا السؤال: تفسير الطبري: ٢/ ١٦٠، والبغوي: ١/ ١٥٥، والمنهاج للحليمي: ١/ ٥٤١، وزاد المسير: ١٠/ ١٨٩، والجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٣٠٩، وتفسير الرازي: ٥/ ١٠٧، وشرح الإحياء للزبيدي: ٥/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>