للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهاه لكونه من تكثير الكلام بدون فائدة (١).

فإذا كان هذا الصحابي الجليل ينكر على من يسأل الله تعالى ويخلص له تعالى في سؤاله إلا أنه يسيء في طلب ما لا يليق به ويعد هذا اعتداء فكيف لو رأى من يدعو غير الله تعالى ويستغيث به ويجعل هجيراه ليل نهار نداء اسم الولي إن قام وإن قعد؟ فلا شك أن هذا اعتداء فوق ذلك بكثير، وأي اعتداء أكبر من صرف خالص حق الله تعالى لعبد لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا فضلًا عن غيره؟

٢ - سؤال الله تعالى المعونة على الحرام (٢).

فهذا من الاعتداء في الدعاء فالله لا يحب الحرام ولا الفحشاء فكيف يطلب معاونته على ذلك؟ وقد ورد ما يدل على أن الدعاء الذي يتضمن إثمًا أو قطيعة رحم مردود لا يقبل، قال النبي فيما رواه أبو هريرة : "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم ما لم يستعجل … إلخ" (٣).

فجميع أنواع الحرام داخلة في هذا الحديث: "فيدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب ويدخل في الرحم جميع حقوق المسلمين ومظالمهم" (٤).

فمن دعا بإثم أو قطيعة رحم فقد اعتدى على غيره وظلمه، فهذا داخل في الاعتداء المنهي عنه في الدعاء.

ويدخل في هذا: "أن يسأل ما فيه ظلم لغيره" (٥).


(١) انظر ما سيأتي ص: ١٨٠.
(٢) الفتاوى: ١٥/ ٢٢، وبدائع الفوائد: ٣/ ١٣، وانظر المنهاج للحليمي: ١/ ٥٢٥، والأزهية: ٥٨.
(٣) أخرجه مسلم: ٤/ ٢٠٩٦ رقم ٢٧٣٦.
(٤) الجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٣١١.
(٥) الرد على البكري ص: ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>