للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه والتعدي: تجاوز ما ينبغي أن يقتصر عليه والاعتداء مشتق من العدوان" (١).

وقد حذر الله تعالى من الاعتداء عمومًا في كل شيء، ونهى عن الاعتداء في الدعاء خصوصًا، فقال: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: ٥٥].

فالاعتداء في الآية وإن كان يشمل كل اعتداء إلا أنه لوروده بعد الأمر بالدعاء يدل بصفة خاصة على أهمية عدم الاعتداء في الدعاء، وأن الدعاء الذي يتضمن الاعتداء لا يحبه الله ولا يرضاه فهو إذن لا يستجيب له، هذا ويشمل الاعتداء في الدعاء أمورًا منها:

أ - الشرك بالله تعالى في الدعاء فإن أعظم العدوان هو الشرك، وهو وضع العبادة في غير موضعها فهذا العدوان داخل دخولًا أوليًا في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (٢).

فصرف الدعاء الذي هو من أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى إلى التقرب به لعبد فقير لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، فهذا الصرف "من أعظم الاعتداء والعدوان والذل والهوان" (٣).

فمن اعتدى في الدعاء بدعائه لغير الله تعالى سواء دعاه مستقلًا أو دعاه ليكون واسطة فقد ارتكب إثمًا عظيمًا وأبعد نفسه عن رحمة الله تعالى بصرفه لخالص رجائه ورغباته وتوجهاته لغير الله تعالى، فالذين يدعون غير الله تعالى ويرجون قبول دعائهم فقد ضلوا الطريق الصحيح لقبول الدعاء، ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأحقاف: ٥].


(١) معجم مقاييس اللغة: ٤/ ٣٤٩.
(٢) الفتاوى: ١٥/ ٢٣، وبدائع الفوائد: ٣/ ١٣.
(٣) الرد على البكري ص: ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>