للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخشيته ومراقبته ومزايلة سخطه وحفظ رعيتك، والزَم ما ألبسك الله من العافية بالذكر لمعادك، وما أنت صائر إليه، وموقوف عليه، ومسئول عنه، والعمل في ذلك كله بما يعصمك الله، وينجيك يوم القيامة من عذابه، وأليم عقابه، فإن الله قد أحسن إليك، وأوجب عليك الرأفة بمن استرعاك أمرهم من عباده، وألزمك العدل عليهم، والقيام بحقه وحدوده فيهم، والذبَّ١ عنهم، والدفع عن حريمهم وبَيْضَتِهِم٢، والحقن لدمائهم، والأمن لسبيلهم٣، وإدخال الراحة عليهم في معايشهم، ومؤاخِذك بما فرض عليك من ذلك، وموقِّفك عليه، ومسائلك عنه، ومثيبك عليه بما قدمت وأخرت، ففرِّغ لذلك فكرك وعقلك وبصرك ورؤيتك، ولا يذْهَلك٤ عنه ذاهل، ولا يشغلك٥ عنه شاغل، فإنه رأس أمرك وملاك شأنك، وأول ما يوفقك الله به لرشدك، وليكن أول ما تُلْزِم به نفسك، وتنسب إليه فعالك، والمواظبة على ما افترض الله عليك من الصلوات الخمس، والجماعة عليها بالناس قِبَلَك في مواقيتها على سننها، في إسباغ٦ الوضوء لها، وافتتاح ذكر الله فيها، وتَرَتَّل٧ في قراءتك، وتمكن في ركوعك وسجودك وتشهدك، ولتصدق فيها لربك نيتك، واحضض عليه جماعة من معك وتحت يدك وادأْب عليها فإنها كما قال الله: تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر، ثم أتبع ذلك الأخذ بسنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمثابرة على خلائقه، واقتفاء آثار الصالح من بعده، وإذا ورد عليك أمر فاستعن عليه باستخارة٨ الله وتقواه، ولزوم ما أنزل الله في كتابه من أمره ونهيه، وحلاله وحرامه وائتمام ما جاءت به الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قم فيه بما يحق الله عليك،


١الدفع.
٢ البيضة: حوزة كل شيء.
٣ وفي مقدمة ابن خلدون: لسربهم؛ والسرب: النفس.
٤ ذهلت عن الشيء "كفتح" غفلت وقد يتعدى بنفسه. فيقال ذهلته، والأكثر أن يتعدى بالهمزة؛ فيقال: أذهلني فلان عن الشيء.
٥ شغله من باب فتح وأشغله لغة جيدة أو قليلة أو رديئة.
٦ أسبغ الوضوء: وفي كل عضو حقه.
٧ تمهل ولا تعجل.
٨ استخار الله: طلب منه الخيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>