للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "يكبرون الله بأصوات مرتفعة" إشارة إلى ما يفعله الحجيج من التلبية وهذه كلها صفات النبيّ محمّد وأمته١.

- البشرى التّاسعة:

قال داود النبي عليه السلام: "من أجل هذه بارك الله عليك إلى الأبد. فتقلد أيّها الجبار السيف لأن البهاء لوجهك والحمد الغالب عليك، اركب كلمة الحقّ وسمت التأله. فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك / (٢/١٠٣/ب) وسهامك مسنونة والأمم يخرون تحتك"٢. ليس متقلد السيف من الأنبياء بعد داود سوى نبيّنا عليه السلام وهو الذي خَرَّت الأمم تحته وقرنت٣ شرائعه بالهيبة. فإما القبول وإما الجزية وإما السيف. وتصديقه قوله صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالرعب"٤.

فإن قالوا: سماه المزمور جباراً. قلنا: لا يمتنع أن يكون النبيّ جباراً على الكافرين رحيماً بالمؤمنين. كقوله تعالى: {أَذِلَّةً عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الكَافِرِين} . [سورة المائدة، الآية: ٥٤] . وقد شهد


١ قال الإمام ابن تيمية معلّقاً على هذه البشارة: "إن هذه الصفات إنما تنطبق على محمّد صلى الله عليه وسلم وأمته. فهم الذين يكبرون الله بأصواتهم المرتفعة في أذانهم للصلوات الخمس وعلى الأماكن العالية في الحج وفي عيد الفطر وعيد النحر. وليس هذا لأحد من الأمم لا أهل الكتاب ولا غيرهم سواهم فإن اليهود يجمعون الناس بالبوق والنصارى بالناقوس. وقوله: "بأيديهم سيوف ذات شفرتين" فهي السيوف العربية التي فتح الصحابة بها البلاد وهي إلى اليوم معروفة لهم. وقوله: "يسبحون على مضاجعهم" هو: نعت للمؤمنين الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم". اهـ. بتصرف بسيط. (ر: الجواب الصحيح ٣/٣١٥-٣١٨، هداية الحيارى ص ١٤٣، ١٤٤) .
٢ ذكر النّصّ في المزمور ٤٥/٢-٥، وقد وردت البشارة في الدين والدولة ص ١٣٩، والجواب الصحيح ٣/٣١٨، وهداية الحيارى ص ١٤٥، والإعلام ص ٢٦٧، مقامع هامات ص ٢١٩، إظهار الحق ص ٥٢٠، ٥٢١، وقد أفاض وأجاد الشيخ رحمة الله في تحليل هذه البشارة ومطابقة الصفات الواردة فيها لنبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم. فمن أراد التوسع فعليه مراجعة كلامه في إظهار الحقّ.
٣ في م: وقونت.
٤ أخرجه البخاري في كتاب التيمم. (ر: فتح الباري ١/٤٥٣) . عن جابر رضي الله عنه، وملسم ٢/١٦٤، وأحمد في مسنده ٢/٤١٢، عن أبي هريرة رضي الله عنه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>