وسمى المسيح كلمة لقول لوقا في إنجيله:"إن جبريل قال لمريم: السلام عليك أيتها المباركة / (١/١٦١/أ) في النساء إنك تحبلين بولد يسمى المسيح يجلسه الرّبّ على كرسي أبيه داود"١. فعندها حملت مريم بالمسيح؛ أي: عند هذه الكلمة فسمي المسيح بها كما يُسَمَّى الشيء بما يلازمه عادةً، فكان المسيح (كلمة) بهذا الاعتبار لا كما اعتقد جهلة النصارى من انقلاب الكلمة الأزلية جسداً ذا شعرٍ وظفر.
٨ سؤال: قال النصارى: أليس في كتابكم معشر المسلمين: {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} . [سورة التحريم، الآية: ١٢] . فما تأويل ذلك غير ما ذهبنا إليه؟!.
والجواب أنا نقول: هذا لا يفيدكم شيئاً في مطلوبكم؛ إذ ليس اعتقاد أحد منكم أن روح الأب اتّحد بالمسيح، وإنما الذي اتّحد به هو العلم. وقد قلنا: إن الروح ترد على معانٍ شتّى منها: أن ترد والمراد بها الوحي، كقوله:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّن أَمْرنَا} . [سورة الشورى، الآية:٥٢] .
وترد والمراد بها جبريل، وهو المعني بقوله تعالى:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} . [سورة الشعراء، الآية: ١٩٣] .
وترد والمراد بها ملك كبير يقوم يوم القيامة صفّاً وحده والملائكة كلّها صفّاً آخر.
وترد والمراد بها أرواح الأشخاص وهو المعني بقوله:{قُلِ الرُّوحُ مِن أَمْرِ رَبِّي} . [سورة الإسراء، الآية: ٨٥] . وإذا كان اللفظ متردداً / (١/١٦١/ب) بين معانٍ كثيرة فلا يسوغ التمسك به إلاّ مع اقترانه بما يفسره، وكلّ مفتقر للتفسير فلا وجه للاستدلال بظاهره.