للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال يسوع في الإنجيل: "الويل لذلك الإنسان الذي يسلَّم ابن الإنسان خير له لو لم يولد"١.

وإذا كان هذا جائزاً عند النصارى واليهود جميعاً٢، فكيف يمنعونأن يصون الله نبيّه المسيح عن قوم يريدون قتله ويلقي شبهه على رجل آخر قد حضر أجله يجعله له جُنَّةً ويثيب ذلك الرجل عن صبره الجنّة؟!.

على أَنَّا نقول: ليس في إلقاء الشبه ضلال كما زعم مورد السؤال، إذ ليس الإلقاء هو الذي بعثهم على القتل، بل ما جاؤوا إلى المسيح إلاّ وهم قد أجمعوا على الفتك به، وبهذا القصد كفروا، وإنماكان/ (١/١٦٠/أ) الإلقاء لتخليص المسيح من أيديهم، وهذا خلاص من الضلال لا إضلال.

وإنما كان يكون تضليلاً لو كان الله أمرهم بقتل المسيح، ثم ألقى شبهه على آخر فقلتوه، وأما إذ نهوا عن القتل فخالفوا وجاروا ليقتلوا، فحال بينهم وبين المسيح. وإلقاء شبهه على غيره، أو أباح لهم من يشبهه في الصورة، فلا يقال لهذا القبيل تضليل.


١ مرقس ١٤/٢١.
٢ يقول ابن القيم: "وقد اتّفقت رسل الله من أوّلهم إلى آخرهم وكتبهم المُنَزَّلة عليهم أنه سبحانه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء، وأنه من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلّ فلا هادي له. وأن الهدى والضلالة بيده لا بيد العبد. وأن العبد هو الضالّ أو المهتدي. فالهداية والإضلال فعله سبحانه وقدره، والاهتداء الضلال فعل العبد وكسبه". اهـ.
وقد ذكر الإمام ابن القيم بعد هذا مراتب الهدى والضلال في القرآن الكريم، وتكلم على كلّ منها، وبيّن ما بينها من الخصوص والعموم وأطال في ذلك. (ر: شفاء العليل ص ١٤٢-١٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>