للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لللاهوتية والناسوتية جميعاً، إذ طبيعة الإنسان على تجردها لا تسمى مسيحاً عندكم، وإذا كان هذا هكذا فقد لزمكم القول بجوع الإله وعطشه ودخول الآفات عليه، وإذا كان ذلك غير سائغ فالمسيح إذاً عبد مربوب ومخلوق مألوه يتأذى بأسباب الأذى ويفتقر إلى تناول الغذاء.

فأما جفاف الشجرة بدعوته فليس في ذلك معتصم في دعوى ربوبيته ولو جاز أن يدعى في المسيح الربوبية بهذه القضية لجاز ذلك لإبراهيم وموسى وإلياس ودانيال وخلق كثير / (١/٢٢/ب) من أصفياء الله، فقد أجيبت لهم دعوات، وأمددهم الله من الملائكة بربوات.

١١- دليل آخر على عبودية المسيح، قال متى: "اجتمع الفريسيون١ والهيروديسيون٢ ودسوا على يسوع رجلاً ليصطادوه٣ بكلمة، فقال له الرجل: يا معلم، قد علمنا أنك محق، وأن طريق، الله بالحق تعلم، وأنك لا تبالي بأحد ولا تعمل لوجه إنسان، فقل لنا هل نعطي الجزية لقيصر أم لا؟ فعلم يسوع سرّهم وخاف شرّهم، فقال: يا مراؤون إنما جئتم لتجربوني٤ أدوا ما لقيصر لقيصر وما لله - لله"٥.

قلت: هذه من المسيح عليه السلام حيدة٦ عن الجواب وهي مؤذنة بالتقية


١ الفريسيون: كلمة آرامية، ومعناه: "المنعزلون"، ويقلبون أنفسهم بلقب: حسيديم أي: الأتقياء، وكذلك: صيريم، أي: الزملاء، وهم من أبرز الفئات اليهودية وأضيقها رأياً وتعليماً وأشدّها عداء للمسيح وأتباعه، ومن أبرز معتقداتهم: إيمانهم بأسفار العهد القديم وبالتلمود، وإيمانهم بالبعث الدنيوي. ر: الكنْز الجليل في تفسير الإنجيل ١/٢٨، انظر: قاموس الكتاب ص ٦٧٤، الفكر الديني اليهودي - حسن ظاظا ص ٢١٠.
٢ هيرودسيون: هم جماعة ليسوا طائفة دينية ولا حزباً سياسياً، بل مجرد أتباع هيرودس الكبير وخلفائه في فلسطين وكان لهم نفوذ واسع. ر: قاموس ص ١٠١٢.
٣ في ص ليصطادونه والصواب ما أثبته.
٤ في ص لتجربونني، والصواب ما أثبته.
٥ متى ٢٢/١٥-٢١.
٦ في ش: الحيدة: الميل للضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>