للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت له لما تمطّى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل (١)

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى ... بصبح وما الإصباح فيك بأمثل (٢)

فيالك من ليل كأن نجومه ... بكل مغار الفتل شدّت بيذبل (٣)

كأن الثّريّا علّقت فى مصامها ... بأمراس كتّان إلى صمّ جندل (٤)

فهو يتصور الليل بسواده وهمومه كأنه أمواج لا تنتهى، ويحس كأنه طال وأسرف فى الطول حتى ليظن كأن نجومه شدّت بأسباب وأمراس من الجنادل والجبال فهى لا تتحرك ولا تزول، كأنما سمّرت فى مكانها، فهى لا تجرى ولا تسير، وقد ردّد الشعراء بعده هذا المعنى طويلا. ونراه يخرج منه إلى وصف فرسه وصيده ولذاته فيه، وكأنه يريد أن يضع بين يدى صاحبته فروسيته وشجاعته ومهارته فى ركوب الخيل واصطياد الوحش، يقول:

وقد أغتدى والطير فى وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل (٥)

مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطّه السّيل من عل (٦)

كميت يزلّ اللّبد عن حال متنه ... كما زلّت الصّفواء بالمتنزّل (٧)

مسحّ إذا ما السابحات على الونى ... أثرن غبارا بالكديد المركّل (٨)


(١) تمطى: امتد. بصلبه: يظهره. وفى رواية بجوزه والجوز: الوسط. والكلكل: الصدر، وناء: نهض.
(٢) انجلى: انكشف. وما الإصباح بأمثل: يريد أنه مهموم فى الليل وفى الصبح.
(٣) مغار: شديد. يذبل: جبل.
(٤) المصام: مكانها الذى لا تبرحه، والأمراس: جمع مرس وهو الحبل. والجندل: الحجارة الكبيرة، والصم: جمع أصم وهو الصلب الشديد.
(٥) الوكنات: المواضع التى تأوى إليها الطير ليلا، والمنجرد: الفرس قصير الشعر، الأوابد: الوحش، هيكل: ضخم.
(٦) الجلمود: الصخرة الصلبة، حطه: أسقطه.
(٧) الكميت: الفرس الأحمر فى سواد. يزل: يسقط، حال المتن: موضعه من وسط الظهر، الصفواء: الصخرة الملساء، المتنزل: النازل عليها.
(٨) مسح: عداء يصب الجرى صبا، السابحات: الخيل المسرعة. الونى: الضعف والفتور. الكديد: ما غلظ من الأرض، المركل: الذى ركلته الخيل بحوافرها. يريد أن حوافره لا تكاد تمس الأرض، وهى لذلك لا تثير بها غبارا كما تصنع السابحات.

<<  <  ج: ص:  >  >>