بقوله "فإنهما خبران متعارضان فيجب استعمال طرق الترجيح" المعروفة "بينهما كسائر الأخبار المتعارضة" وإلى الترجيح مال الفخر الرازي وقال إن الرد إنما هو عند التساوي فلو رجح أحدهما عمل به "ولا يلزم جرح واحد منهما" بكذيبه الآخر وأما تكذيب الشيخ فواضح وأما تكذيب الفرع له فلأن جزمه بكونه حدثه يستلزم تكذيبه في دعواه أنه كذب "لاحتمال النسيان" من الأصل "والقطع بالتأويل فقد يقول" الأصل "لو كان لذكرت ونجعل هذا دليلا قاطعا" على كذب الفرع "وهو موضع النزاع" لأن الفرع يقول أنه نسي والأصل يزعم أنه لم ينس.
"والغالب في هذه المسألة سقوط الحديث بالتعارض" بين الأصل وفرعه "ولكن هذا الغالب لا يوجب إسقاط الحكم النادر إذا قويت القرائن بنسيانه وغلب في الظن صدق الراوي عنه" فإن النظر إلى القرائن والترجيح بها لا بد منه.
"وهذا كله" من الحكم المذكور "إذا كذبه" أي كذب الأصل فرعه "أما إذا قال أنسيت" بالبناء للمجهول "ولم يقطع بتكذيبه صدق" أي الفرع في روايته قال السخاوي فإن جزم بالرد بدون تصيرح كقوله ما رويت هذا أو ما حدثت به قط أو أنا عالمأنني ما حدثتك أو لم أحدثك فقد سوى ابن الصلاح تبعا للخطيب وغيره بينهما أيضا وهو الذي مشى عليه شيخنا في توضيح النخبة لكن قال في الفتح الراجح عندهم أي المحدثين القبول وتمسك بصنع مسلم حيث أخرج حديث عمرو بن دينار عن أبي معيد عن ابن عباس ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير مع قول أبي معبد لعمرو لم أحدثك به فإنه دال على أن مسلما كان يرى صحة الحديث ولو أنكره راويه إذا كان الناقل عنه عدلا وكذا صحح الحديث البخاري وغيره وكأنهم حملوا الشيخ في ذلك على النسيان ويؤيده قول الشافعي في هذا الحديث بعينه كأنه نسى.
"وقيل هذا" أي تصديقه إذا لم يصرح بتكذيبه "مذهب جمهور الفقهاء والمحدثين وأهل الأصول".
قال السخاوي وصححه غير واحد منهم الخطيب وابن الصلاح وشيخنا بل حكى فيه إتفاق المحدثين لأن الفرض أن الراوي ثقة جزما فلا يطعن فيه بالاحتمال إذ المروى عنه غير جازم بالنفي بل جزم الراوي فيه وشكه قرينة لنسيانه "خلافا لبعض أصحاب أبي حنيفة" فقالوا برده "وحكاه ابن الصباغ في العدة عن أصحاب أبي