يحصل لنا ثقة بقوله إني تبت يعني كما قيل في مسألة المعترف بالوضع قلت: وما كان يحسن من المصنف ذكر المسألة من دون ذكر دليلها ويأتي له تفصيل فيها.
"وأما الكذب في حديبث الناس وغيره من أسباب الفسق فنقبل رواية التائب منه وممن ذكر هذه المسألة أبو بكر الصيرفي الشافعي" فإنه ذكر في كتبه في الأصول أنه لا يعمل بذلك الخبر ولا بغيره من روايته "وزاد أيضا أن من ضفنا خيره لم نجعله قويا وذكر أبو المظفر السمعاني أن من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه" لأنه صار محل ريبة.
"قلت: كلامهم في رد الكذب في الحديث ولو بعد إظهار التوبة فوى فيما يتعلق" من الأحاديث "بالمصالح لئلا يتوصل الكذابون بإظهار التوبة إلى قبول أباطيلهم" هذا في التضعيف بالكذب "وأما من ضعف من أجل حفظه" وهو الذي زاده الصيرفي "ثم قوى حفظه وهو من أهل الديانة والصدق فلا وجه لقول الصيرفي إنا لا تجعله قويا والله أعلم" قلت: كما لا وجه لرد رواية الكذاب في الحديث بعد صحة توبته إذ بعدصحتها قد اجتمعت فيه شروط الرواية فالقياس قبوله.
* * *
"المسألة الثانية"
"من روى عن ثقة فكذبه الثقة والمسألة مشهورة في الأصول" وذلك أنه قد تعارض كلام الراوي والمروي عنه فذلك صرح بالراية وهو ثقة وشيخه صرح بكذبه عليه.
فلذا قال المصنف:"والصحيح فيها أنها موضع اجتهاد" إذ لكل جهة ترجيح أما الراوي فلكونه مثبتا
أما الشيخ فلكونه نفى ما يتعلق به مع احتمال نسيانه "فينظر في أيهما أصدق وأحفظ وأكثر جزما وأقل ترددا وكذلك أيهما أكثر" من الكثرة بالثلثة "الفرع" وهو الراوي "أو الأصل" وهو شيخه.
"فقد يدعي الواحد على الجماعة فيكذبونه والجماعة على الواحد فيكذبهم فإذا استوفيت طرق الترجيح" المعروفة في الأصول وغيرها مما يقود إليه المقام "حكم بالراجح" وقال التاج السبكي عدالة كل واحد منهما متيقنة وكذبه مشكوك فيه ولايقين لا يرفع بالشك فتساقطا يعني فيقبل الخبر وهو اختيار أبي المفظر السمعاني وبه قال أبو الحسن القطان وقد عرفت ما حققه النووي والمصنف جنح إلى الترجيح مستدلا