ولعل من أهم أسباب الانحراف في هذا الباب عند المسلمين الجهل بفقه الخلاف وآدابه، حيث يحل العنف في مسائل اجتهادية محل الحوار، وتظهر المنابذة في أمور تقتضي الصفح والوئام، وربما أدى الأمر في بعض الحالات إلى تكفير المخالف واستباحة دمه في مسألة غاية ما فيها أن القائل بها إما مجتهد مخطئ له أجر واحد، أو مجتهد على حقٍ فله أجران، ولذا أحببت أن أقدم هذه الدراسة المتواضعة بذكر ما يسمح به المقام من قواعد الخلاف المستنبطة من نصوص الشريعة، وأقوال أهل العلم، وقد اقتصرت على إحدى عشرة قاعدة لأن المقام لا يتسع لأكثر من ذلك، على أن أستوفي الحديث عن بقية القواعد في بحث أطول إن شاء الله تعالى.
ويجدر التنبيه إلى أن المقصود بالإرهاب في هذا البحث الإفساد الذي يقصد منه انتهاك حقوق المعصومين، في دمائهم أو أعراضهم أو أموالهم أو غير ذلك مما كفلته الشريعة لهم، أما ما كان دفاعًا مشروعًا ضد معتدٍ ظالم، فلا يعد ذلك إرهابًا، بل هو الكفاح المشروع الذي أقرته كل الشرائع السماوية والأنظمة الوضعية.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا الرشد والصواب وأن يوفقنا للخير والسداد.