للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامّة العرب؛ وهو أن يؤثّر عن قبيلة إبدالها صوتاً معيَّناً من صوتٍ آخر، في بعض الكلمات، كإبدال الصّاد أو السّين تاءً عند طيّئ، فقد ذكر الأصمعيّ أنّهم يُسمّون اللّصوص: اللّصوت، ويسمّون اللّصّ: لِصْتاً١؛


١ ذهب (برجستراسر) مذهباً خالف فيه الجمهور؛ فقد ردّ على الزّمخشري حين وجده يسير على مذهبهم، ويقول بأنّ التّاء في (اللّصت) مبدلة من الصّاد؛ فاتّهمه بعكسه الإبدال فيه، وقال: "والحقيقة أنّ التّاء هي الأصل؛ والصّاد الثّانية مبدلة منها، فنحن نعرف أنّ اللّصّ معرّب من اليونانيّة بواسطة الآراميّة؛ أي: السّريانيّة، وهو في اليونانيّة: (صورة ١٦) ، أي: lestes، وفي السّريانيّة:lesta؛ فيتّضح من ذلك أنّ: لصتاً هي الأصل، وأنّ لصاً أبدلت منها بتشابه التّاء للصّاد، ثمّ إدغامها فيها" (التّطور النّحويّ ٥٢) .
والرّاجح عندي مذهب الجمهور؛ وهو يوافق قوانين الإبدال في جنوحهم إلى التّخفيف لثقل المثلين، ومن وسائلهم في ذلك: الحذف أو الإدغام أو الإبدال في ((اللّصّ)) قريب من اختيارهم إيّاه في قولهم: تظنّيت، وقصّيت أظفاري، والأصل: تَظَنَّنْتُ، وقَصَّصْتُ.
ولعلّ الّذي "سهل لطيئ أن تبدل هذا الإبدال – إيثارها نطق التّاء على نطق الصّاد؛ بحكم ميلها إلى الاقتصاد في الجهد، وأن هذا يناسبه الصّوت الشّديد المناظر لصوت الصّاد هو الطّاء، وأن الطّاء إذا رققت – أصبحت تاءً" (ينظر: لغات طيّئ ١/١٩١) .
أمّا ما ذكره برجستراسر من تقارب بين العربيّة واليونانيّة والسّريانيّة في كلمة (اللّصت) فيمكن حمله على توافق اللّغات، وليس بعيداً أن يكون سرى إلى السّريانيّة من العربيّة، ثمّ انتقل إلى اليونانيّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>