للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللّغويّ يرى أنّ الإبدال لا يكون في القبيلة الواحدة؛ بحيث يتعمّد العربيّ إبدال حرفٍ من حرفٍ؛ وإنّما هي لغاتٌ مختلفةٌ لمعانٍ متّفقةٍ.

قال: "والدّليل على ذلك أنّ قبيلةً لا تتكلّم بكلمةٍ طوراً مهموزةً، وطوراً غير مهموزةٍ، ولا بالصّاد مرّة، وبالسّين أخرى؛ وكذلك إبدال لام التّعريف ميماً؛ والهمزة المصدّرة عيناً؛ كقولهم في نحو أَنْ: عَنْ؛ لا تشترك العرب في شيءٍ من ذلك؛ إنّما يقول هذا قومٌ، وذلك آخرون"١.

على أنّ ابن جنّي لا يعدّ الكلمتين من الإبدال؛ إذا كانتا من بيئين (قبيلتين) مختلفتين؛ بل هما لغتان؛ فمن ذلك أنّ قريشاً تقول: كُشِطتْ، وتقول قيسٌ: قشطت فقال: "وليستِ القاف في هذا بدلاً من الكاف؛ لأنّهما لغتان لأقوام مختلفين"٢.

وعندي أنّ كلا المذهبين صحيحٌ؛ فمن نظر إلى اللّغة الأمّ؛ ولم يشترط في صحّة الإبدال أن يكون من قبيلةٍ واحدةٍ، فذلك عنده من الإبدال، ومن اشترط ذلك فهو عنده من اللّغات؛ وليس من الإبدال.

على أنّ الّذي يعنينا - هنا - هو تحديد الأصل من الفرع؛ فعلى مذهب أبي الطّيّب تكون إحدى الصّورتين أصلاً، والأخرى هي الفرع.

ويحتمل أن يكون أحدهما أصلاً والآخر فرعاً؛ إذا نظر إلى اللّغة الأمّ، وبحث عن الأصل الأوّل.

ومن هذا النّوع ما تفرّدت بعض القبائل بصورةٍ منه، وعلى خلافها


١ ينظر: المزهر ١/٤٦٠.
٢ سرّ الصّناعة ١/٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>