للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحدِّثي الناس وأعلامهم بالأمصار: كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله، والانتهاء إليه، والإفتاء به. ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه، ويقبله عنه من تحته.

ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه، بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي) انتهى باختصار.

وقال (١) –أيضاً-: (لم أسمع أحداً -نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم– يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله (،والتسليم لحكمه. بأن الله عز وجل لم يجعل لأحدٍ بعده إلا اتباعه. وأنه لا يلزم قولٌ بكل حالٍ إلا بكتاب الله أو سنة رسوله (. وأن ما سواهما تبع لهما. وأن فرض الله علينا وعلى الناس من بعدنا وقبلنا، في قبول الخبر عن رسول الله (: واحدٌ. لا يختلف في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله (إلا فرقةٌ، سأصف قولها إن شاء الله تعالى) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) : (وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ولم يتواتر لفظه ولا معناه لكن تلقته الأمة بالقبول عملا به وتصديقا له،....، فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد من الأولين والآخرين، أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع)

المبحث الرابع: في المشهور عند الحنفية

قسم الحنفية الأخبار إلى متواتر ومشهور وآحاد. وجعلوا المشهور في رتبة بين المتواتر والآحاد، وخصوه بأحكام تُلْحِقُهُ في الاحتجاج به بالمتواتر. وفي هذا المبحث سأتكلم باختصار عن المشهور عند الحنفية خاصة لتعلقه بالمسألة المبحوثة، ولأن المشهور عند الجمهور من قبيل الآحاد.

فالمشهور لغة (٣) :- اسم مفعول من شهرت الأمر إذا أظهرته وأعلنته.


(١) انظر: جماع العلم (١١-١٢) .
(٢) انظر: مختصر الصواعق (٢/٣٧٢) .
(٣) انظر: لسان العرب (٧/٢١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>