للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فألهم الله الخليل (الحجة بتوفيقه كما قال: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ((الأنعام ٨٣) . (١) أما نمروذ فلم يجد ما يتعلل به أو يعتذر وخشي الفضيحة، فأظهر لأعوانه وجلسائه أن هذا إنسان مجنون يجب أن يخرج من مجلسه، فمن جنونه أنه كسر الأصنام وأن النار لم تحرقه، فتحقق فيه قول الله: (والله لا يهدى القوم الظالمين (فلم يمكنه أن يقول: أنا الآتي بها من المشرق؛ لأن ذوي الألباب يكذِّبونه (٢) .

أما الثانية: فقد دارت مع أبيه وقومه ليثبت لهم الألوهية والربوبية المطلقتين لله تعالى- وقد حصل شيء من الإيقان بوجود الله- فأُعْلِموا بالأدلة القاطعة ببطلان هذه الآلهة وأُخْبِروا بوجوب وجود الإله الحق.

فأخبرهم من جهة أنه لا ينبغي لعاقل أن يتخذ إلهاً بغير حجة ولا برهان: (أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً (. (الأنعام ٨١) . لأنه المحيط بكل الكائنات علماً فقام الدليل على أنه الرب: (وسع ربي كل شيء علماً أفلا تتذكرون (. (الأنعام ٨٠) ولأن كل ما في الكون طائع له فقام الدليل أنه الإله الحق قال تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير ((لقمان ٣٠) .


(١) كما فعل فرعون مع موسى (عندما حاجه، فقال فرعون: (إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون (الشعراء (٢٧) .
(٢) تفسير الطبري ج٣/٢٥، أحكام القرآن للقرطبي ج٣/٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>