للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي لاشك فيه “ أن معاناة ” حمزة مع الزوجة، والأصدقاء، أضف إلى ذلك “ فرط الحساسيّة ” و “ النبوغ ” كانت مجتمعة خلف تلوين المكان بهذه الألوان الكابية، وصبغه بتلك المعطيات السلبيّة. وكل هذا بحثاً عن “ مكان أجمل ” وإنسان أكثر جمالاً، يظل يبحث عنه الفنان فلا يجده، لأن الفن بحث في المستحيل وحديث عن الممكن.

جماليات الحيوان

الكون بنية محكمة، غاية في الجمال، جمال في الطبيعة، وجمال في الإنسان، وجمال في الحيوان، وجمال في الأفكار، وجمالٌ في علاقات الأشياء، وعلاقات الأفكار.

والحيوان مفردة جميلة في هذه البنية المحكمة الجميلة، ((حيث التركيب المدهش، والألوان المثيرة، والوظائف البديعة، والغرائز المحكمة، والحركة التي تأخذ ألف إيقاع وإيقاع)) (١) ، ولهذا قال تعالى: (والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمالٌ حين تريحون وحين تسرحون ((٢) .

يقول محمد قطب: ((إن توجيه نظر الإنسان إلى الجمال في الأنعام ذات “ المنافع ” المتعددة، له دلالته فيما ينبغي أن يكون عليه الإنسان في التصور الإسلامي، فهو مخلوق واسع الأفق، متعدّد الجوانب، ومن جوانبه الحسيّ الذي يرى منافع الأشياء، والمعنوي الذي يدرك من هذه الأشياء ما فيها من جمال، وهو مطالب ألا تستغرق حسه المنافع، وألا يقضي حياته بجانب واحد من نفسه، ويهمل بقية الجوانب، فكما أن الحياة فيها منافع وجمال، فكذلك نفسه فيها القدرة على استيعاب المنفعة، والقدرة على التفتح للجمال..)) (٣)


(١) المدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي، نجيب الكيلاني، بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، ١٤٠٨ هـ / ١٩٨٨ م، ص ١٣.
(٢) النحل آية ٥ - ٦.
(٣) منهج الفن الإسلاميّ، محمد قطب، بيروت: دار الشروق، ط٥، ١٤٠١ هـ / ١٩٨١ م، ص ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>