للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالإسلام يسمو بهذه الفضيلة كغيرها من الفضائل فلا يجعل الميزان فيها للأخذ والعطاء، وحسابات الربح والخسارة، والمصالح الضيّقة، ولهذا يسميها حمزة شحاتة “ محاسن ومعايب ” (١) ، ((أما الفضائل التي نراها خليقة بهذه التسمية، فهي التي نزل بها القرآن ودعا إليها. تلك فضائل لا يكون للمتصف بها، والمؤمن بقوانينها، نظر إلى مصلحة أو سمعة، وإن كان شيء من ذلك فالمثوبة عند الله والزلفى إليه. فالكرم فيها إحسان إلى مستحقه، ينزل منزلة الحق المفروض له. وخروج من سلطان المادة وحدودها في سبيل الله)) (٢) .

والانحراف بهذه الفضائل ضرورة اقتضاها سير الحياة وقوانينها (٣) .

وذلك ((أن النظرة العامة إلى الفضائل أصبحت نظرة خيالية لا نظرة إيمان وتحتيم. وإنها لم تعد سلاحاً يضمن الحماية لمتقلّده)) (٤) .

والعودة بهذه الفضائل إلى ما كانت عليه هو سبب النجاة، والأمل في الشهود الحضاري، وسبيل القوة والظفر (٥) .

هذه الرؤية الفلسفية العميقة للفضائل وربطها بتطور الحياة الاجتماعية عند حمزة شحاتة كما تجلت في محاضرته “ الرجولة عماد الخلق الفاضل ” ذهب الأستاذ الكبير محمد حسن زيدان إلى أنها مستمدة من كتاب علم الاجتماع لنقولا حدّاد (٦) ولكن عزيز ضياء يرى فرقاً بين استنساخ المعرفة و “ ابتكارها ”، فقد يكون حمزة شحاتة وقف على ما قاله “ نقولا حداد ” وأفاد منه، ولكن الإفادة شيءٌ، والتقليد شيءٌ آخر، وحمزة شحاتة في كل ما يكتب كان من أبرز خصائصه ((التعشق الملهوف للاستقلال الفكري والحرص الممضّ على الابتداع، والترفع عن الاتباع..)) (٧) .


(١) الرجولة عماد الخلق الفاضل ص ٧٨.
(٢) المرجع نفسه ص ٧٩.
(٣) نفسه ص ٨١.
(٤) نفسه ص ٨١.
(٥) نفسه ص ٨٥.
(٦) حمزة شحاتة قمة عرفت ولم تكتشف ص ٤٧.
(٧) المرجع نفسه ص ٤٧، ص ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>