للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنفع أساس الفضائل جميعاً، لكنّ هذه المنفعة تختلف باختلاف العقول والعصور، وهذا الاختلاف في تصور بعض الحقائق وإدراكها من عصر إلى عصر وعقل إلى آخر لا ينفي الحقيقة الأصلية (١) . وهذا أمر لا يدركه كثير من الناس ((فإذا قال مفكر اليوم: إن الفضائل أوهام عقلية أو نفسية، غايتها إيجاد مثل عليا للجموع تستمد منه روح العزاء والعزيمة والأمل، لم يكن معنى هذا إنكار صحة تعاريفها أو صحة الأحكام التي أعطيت عنها..)) (٢) .

وحين يعرض لأطوار الفضيلة يذهب إلى أنها مرت بثلاث مراحل: كانت في الطور الأول ضرورة فرضتها طبيعة الحياة في عصر الإنسان البدائي. فصارت معتقدات شعورية شعرت بها الجماعة فاستجابت لأحكامها، وتحولت في طورها الثالث إلى أخلاق وملكات لا شعورية وخصائص نفسية وفكرية من خلال المحاكاة (٣) .

وإذا كانت الرذائل “ أنانية عارية ” فإن الفضائل “ أنانية مهذّبة ” (٤) ؛ لأنها ألفاظ القوي واستراتيجيته لاستغلال الضعيف وقهره (٥) ، أما الحياة فلا تعرف إلا الأقوياء (٦) قديماً كان الجسد مصدر القوة، فجاء النفوذ والثروة وحلا محل القوة الجسدية (٧) وكل هذا يتم تحت مسمى “ الفضيلة ” فكم من المجازر البشرية التي انقادت لها الجماعات البشرية مأخوذة بأوهام الحق والعدالة والدفاع عن الفضائل المستباحة (٨) .


(١) نفسه ص ٣١.
(٢) نفسه ص ٣١
(٣) نفسه ص ٥١ - ٥٦.
(٤) نفسه ص ٦٤.
(٥) نفسه ص ٦٦، ص ٦٧.
(٦) نفسه ص ٦٨.
(٧) نفسه ص ٦٤.
(٨) المرجع السابق ص ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>