حرف روي، ولكنها للتأنيث بعد الوقف عليها. وحرف الروي هنا هو الميم لكن ما سبب عدم كون الهاء في هذه المواقع وأمثالها روياً؟ وما سبب اشتراط شرطين هما: أن تكون الهاء أصلاً من أصول الكلمة، وأن تكون مسبوقة بحرف مدّ حتى تكون الهاء رويا؟ السرّ في ذلك أنها قد تقع لاحقة للكلمة، ولا تكوّن منها أصلاً من أصول الكلمة وأساس الروي والشعور بموسيقاه مبني على كونه جزءاً من بنية الكلمة، فاللواحق وإن اتصلت بالكلمات نشعر بانفصالها عنها واستقلالها (١٢٤) .
أضف إلى ذلك أن الهاء صوت مهموس، والمهموس ما ضعف الاعتماد عليه، أي الضغط عليه، والشعر بموسيقاه معتمد على القافية، والروي الذي هو في الشعر بمثابة الإيقاع في الموسيقى يجب أن تشعر به الأذن، فإن كان ضعيفاً غير مشبع – مهموساً – كان الحرف السابق عليه هو حرف الروي حتى يشعر السامع بالموسيقى الشعرية ووضوح الإيقاع.
لكن إذا كان صوت الهاء لا يصلح أن يكون روياً بغير الشرطين السابقين، فلماذا يكون روياً إذا كان أصلاً من أصول الكلمة؟ يصلح لذلك لأنه إذا كان أصلاً فإننا لا نستطيع تجاهله أو الاستغناء عنه، فهو في هذه الحالة كأي صوت مهموس آخر. إما إذا كان غير ذلك فيمكننا الاستغناء عنه بالحرف السابق له ليكون روياً.
وقد تذكر الهاء في الشعر لاطلاق القوافي المقيدة لأنها أقرب الأصوات إلى حروف المدّ التي تأتي في نهايات القوافي المطلقة. فقد ذكر المالقي المواضع التي تأتي إليها الهاء وهي أصل فقال: أن تكون للإطلاق في القوافي كما تكون الألف لذلك، لأنها تُسرِّحُ القافية إلى الحركة من التقييد وهو السكون كما تفعل الألف وذلك نحو قول الشاعر: