وفي حالة الفعل المعتل المجزوم، فإن الهاء قد لحقت ذلك الفعل لأنه قد نقص عن أصله بحذف آخره الذي هو صوت اللين، ولذلك فإن التأهب المعدّ سابقاً لنطق ذلك الفعل كاملاً قد زاد عن الحاجة بعد حذف آخر ذلك الفعل، فخرج ما تبقى من الهواء وسمع هاء.
ويمكن تعميم هذا الأمر على ميم الاستفهام المسبوقة بحرف جر، وكذلك "إن" الذي بمعنى نعم، فقد وُقف على النون التي آخرها فتحة فامتد النفس فسمع هاء كما أشار الى ذلك إبراهيم أنيس (٧١) . وقد يوقف على ضمير المتكلم المفرد بالهاء كذلك. قال المالقي في حديثه عن الهاء المبدلة من الأصل "أن تكون بدلاً من ألف الوقف في "أنا" إذا وقفت عليه قلت: أنا أو أَنَهْ حكي من قولهم "هذا قصدي أَنَهْ" وإنما جعلناها بدلاً من الألف، لأن الألف في "أنا" أكثر استعمالاً من الهاء (٧٢) ". وقد اعتبر الفراء هذا الوقف لغة جيدة فقال:"ومن العرب من يقول إذا وقف: أَنَهْ، وهي في لغة جيدة. وهي عليا تميم وسفلى قيس (٧٣) ". وقد يرى الباحث أن الهاء في "إنَّه" بقية من ضمير الغائب المفرد، أي أن أصل الكلمة هو "إنّ هو" أسقطت الواو فبقيت الهاء فاتصلت بما قبلها، ولعل ضمائر الغائب الموصولة تأتي تحت هذا النوع مثل: له "ل + هو" كتابه " "كتاب + هو" وهكذا، كما أنه يمكن اعتبار الأسماء والظروف والحروف التي تلحقها هاء السكت من هذا القبيل، ففي قولنا: أَيْنَه، ولَيْتَه، وكَيْفَه،، تكون: أين + هو، وكيف + هو، وليت + هو. أسقطت الواو وبقيت الهاء فاتصلت بهذه الكلمات وأمثالها فسمعت أَيْنَهُ ولَيْتَهُ وكَيْفَهُ. ولا نزال نسمع مثل هذا في بعض لهجات بلاد الشام إذ يقولون: كِيْفُهْ، ولَيْتُهْ، وما أشبه ذلك يريدون: كيف هو، وليت هو. وهو ما ذكره ابن منظور بقوله: "بنو أسد تسكِّن هِي وهُو فيقولون هُو زيد وهي هند، كأنهم حذفوا المتحرك، وهي قالته وهُو قاله وأنشد: